قرأ معظم قراءته. ثم انتقل إلى سبتة ، وتزوّج بها أخت الشيخ أبي الحكم مالك بن المرحّل. وهذا الشيخ جدّ صاحبنا وشيخنا أبي الحسين التلمساني لأبيه ، وهو ممّن يطرّز به التأليف ، ويشار إليه في فنون لشهرته.
ومن شعره ، وهو صاحب مطوّلات مجيدة ، وأمادح مبدية في الإحسان معيدة ، فمن قوله يمدح الفقيه أبا القاسم العزفي أمير سبتة : [الكامل]
أرأيت من رحلوا وزمّوا العيسا (١) |
|
ولا نزلوا على الطلول حسيسا (٢)؟ |
أحسبت سوف يعود نسف ترابها |
|
يوما بما يشفي لديك نسيسا؟ |
هل مؤنس (٣) نارا بجانب طورها |
|
لأنيسها؟ أم هل تحسّ حسيسا؟ |
مولده : قال ابن عبد الملك : أخبرني أنّ مولده بتلمسان سنة تسع وستمائة.
وفاته : في عام تسعين وستمائة بسبتة ، على سنّ عالية ، فسحت مدى الانتفاع به.
إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الأنصاري الساحلي
المشهور بالطّويجن (٤) ، من غرناطة.
حاله : من كتاب «عائد الصلة» : كان ، رحمه الله ، نسيج وحده في الأدب ، نظما ونثرا ، لا يشقّ فيهما غباره ، كلام صافي الأديم ، غزير المائية ، أنيق الدّيباجة ، موفور المادة ، كثير الحلاوة ، جامع بين الجزالة والرّقّة ؛ إلى خطّ بديع ، ومشاركة في فنون ، وكرم نفس ، واقتدار على كل محاولة. رحل بعد أن اشتهر فضله ، وذاع أوجه ، فشرّق ، وجال في البلاد. ثم دخل إلى بلد السّودان ، فاتصل بملكها ، واستوطنها زمانا طويلا ، بالغا فيها أقصى مبالغ المكنة ، والحظوة ، والشّهرة ، والجلالة ، واقتنى مالا دثرا ، ثم آب إلى المغرب ، وحوّم على وطنه ، فصرفه القدر إلى مستقرّه من بلاد السودان ، مستزيدا من المال. وأهدى إلى ملك المغرب هديّة تشتمل على طرف ، فأثابه عليها مالا خطيرا ، ومدحه بشعر بديع كتبناه عنه. وجرى ذكره في كتاب «التاج» بما نصّه (٥) :
__________________
(١) زمّوا العيس : خطموها للرحيل. لسان العرب (زمم).
(٢) عجز البيت مختلّ الوزن.
(٣) في الأصل : «هل من مؤنس ...» وهكذا ينكسر الوزن.
(٤) يكنى أبا إسحاق ، وترجمته في نثير فرائد الجمان (ص ٣٠٨) ، والكتيبة الكامنة (ص ٢٣٥) ، ونفح الطيب (ج ٢ ص ٤٠٥) ، و (ج ٣ ص ٣٩٧).
(٥) النص في الكتيبة الكامنة (ص ٢٣٥).