مدادي ، وأنا ابن جلا (١) في وجدهم ، وطلّاع الثّنايا إلى كرم عهدهم ، إن دعوا إلى ودّ صميم وجدوني ، أضع العمامة عن ذوي عهد قديم عرفوني ، ولو شرعوا نحوي قلم مكاتبتهم ، وأسحّوا بالعلق الثّمين من مخاطبتهم ، لكفّوا من قلبي العاني قيد إساره ، وبلوا صدى وجدي المتحرّق بناره ، ففي الكتابة بلغة الوطر ، وقد يغني عن العين الأثر ، والسلام الأثير الكريم الطيب الرّيا ، الجميل المحيّا ، يحضر محلّهم الأثير ، وكبيرهم إذ ليس فيهم صغير ، ويعود على من هناك من ذوي الودّ الصميم ، والعهد القديم ، من أخ برّ وصاحب حميم ، ورحمة الله وبركاته».
ولا خفاء ببراعة هذه الرسالة على طولها ، وكثرة أصولها ، وما اشتملت عليه من وصف وعارضة ، وإشارة وإحالة ، وحلاوة وجزالة.
شعره : ثبت لديّ من متأخّر شعره قوله من قصيدة ، يمدح بها ملك المغرب (٢) ، أمير المسلمين ، عند دنوّ ركابه من ظاهر تلمسان ببابه أولها (٣) : [الكامل]
خطرت كميّاس (٤) القنا المتأطّر |
|
ورنت بألحاظ الغزال الأعفر |
ومن شعره في النسيب : [البسيط]
زارت وفي كلّ لحظ طرف محترس |
|
وحول كلّ كناس كفّ مفترس |
يشكو لها الجيد ما بالحلي من هدر |
|
ويشتكي الزّند ما بالقلب من خرس |
متى تلا خدّها الزّاهي الضّحى نطقت |
|
سيوف ألحاظها من آية الحرس |
في لحظها سحر فرعون ورقّتها |
|
آيات موسى وقلبي موضع القبس |
تخفي النّمومين من حلي ومبتسم |
|
تحت الكتومين من شعر ومن غلس |
وترسل اللّحظ نحوي ثم تهزأ بي |
|
تقول بعد نفوذ الرّمية احترس |
أشكو إليها فؤادا واجلا أبدا |
|
في النّازعات وما تنفكّ من عبس |
__________________
(١) أخذه من قول سحيم بن وثيل الرياحي : [الوافر]
أنا ابن جلا وطلّاع الثّنايا |
|
متى أضع العمامة تعرفوني |
وفيات الأعيان (ج ٢ ص ٢٤) ، والوافي بالوفيات (ج ٧ ص ٧٤).
(٢) هو أمير المسلمين أبو الحسن علي المريني ، ملك المغرب ، كما جاء في نثير فرائد الجمان (ص ٣٠٩).
(٣) ورد منها خمسون بيتا في نثير فرائد الجمان (ص ٣٠٩ ـ ٣١٢) وجاء فيها أنه قالها في مدح الملك المغربي المذكور يحرّضه فيها على قتال أمير المؤمنين أبي تاشفين العبد الوادي ملك تلمسان ، قاتل أبيه.
(٤) في نثير فرائد الجمان : «كميّاد».