إبراهيم بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن أسد بن موسى
ابن إبراهيم بن عبد العزيز بن إسحاق بن أسد بن قاسم النميري
من أهل غرناطة ، يكنى أبا إسحاق ويعرف بابن الحاجّ (١).
أوّليّته : بيت نبيه ، يزعم من يعنى بالأخبار ، أن جدّهم الداخل إلى الأندلس ثوابة بن حمزة النّميري ، ويشركهم فيه بنو أرقم الوادي شيون (٢). وكان سكناه بجهة وادي آش ، ولقومه اختصاص وانتقال ببعض جهاتها ، وهي شوظر ، والمنظر ، وقرسيس ، وقطرش ؛ تغلّب العدو عليها على عهد عبد العزيز ، وآوى جميعهم إلى كنف الدولة النصرية ، فانخرطوا في سلك الخدمة ، وتمحّض خلفهم بالعمل. وكان جدّه الأقرب إبراهيم ، رجلا خيّرا من أهل الدين والفضل والطهارة والذكاء ؛ كتب للرؤساء من بني إشقيلولة ، عند انفرادهم بوادي آش. واختصّ بهم ، وحصل منهم على صهر بأم ولد بعضهم ، وضبط المهمّ من أعمالهم. ثم رابته منهم سجايا أوجبت انصرافه عنهم ، وجنوحه إلى خالهم السلطان الذي كاشفوه بالثورة ، فعرف حقّه ، وأكرم وفادته ، وقبل بيانه ؛ فقلّده ديوان جنده ، واستمرّت أيام عمره تحت رعيه ، وكنف عنايته. وكان ولده عبد الله ، أبو صاحبنا المترجم به ، صدرا من صدور المستخدمين في كبار الأعمال ، على سنن رؤسائهم ، مكسابا متلافا ، سريّ النفس ، غاض الحواز. ولي الأشغال بغرناطة وسبتة ؛ عند تصيّرها إلى إيالة بني نصر ؛ وجرى طلاقه هذا ، في صلّ دنيا عريضة ؛ تغلّبت عليه بآخرة ، ومضى لسبيله ، مصدوقا بالكفاية ، وبراعة الخط ، وطيب النفس ، وحسن المعاملة.
حاله : هذا (٣) الرجل نشأ على عفاف وطهارة ؛ امتهك صبابة ترف من بقايا عافية ، أعانته على الاستظهار ببزّة ، وصانته من التحرّف بمهنة. ثم شدّ وبهرت خصاله ، فبطح بالشّعر ؛ وبلغ الغاية في إجادة (٤) الخط ، وحاضر بالأبيات ، وأرسم (٥) في كتابة الإنشاء ، عام أربعة وثلاثين وسبعمائة ، مستحقّا حسن سمة (٦) ، وبراعة
__________________
(١) ترجمة ابن الحاج النميري في الكتيبة الكامنة (ص ٢٦٠) ، ونيل الابتهاج ، طبعة فاس (ص ١٤) ، والمنهل الصافي (ج ١ ص ٦٦) ، ونثير فرائد الجمان (ص ٣١٣) ، ونفح الطيب (ج ٣ ص ٢٧٩) و (ج ٩ ص ٣٣٠).
(٢) نسبة إلى مدينة وادي آش.
(٣) نفح الطيب (ج ٩ ص ٣٣٠).
(٤) في النفح : «جودة».
(٥) في النفح : «وارتسم في كتاب الإنشاء».
(٦) في النفح : «سمت ، وجودة أدب وخطّ».