جيشا ثالثا إلى غرناطة مدينة إلبيرة ؛ وسار هو في معظم الناس إلى كورة جيّان (١) يريد طليطلة. قال (٢) : فمضى الجيش الذي وجّه طارق إلى مالقة ففتحها ، ولجأ علوجها إلى جبال هناك ممتنعة. ثم لحق ذلك الجيش بالجيش المتوجّه إلى إلبيرة ، فحاصروا مدينتها ، وفتحوها عنوة ؛ وألفوا بها يهودا ضمّوهم إلى قصبة غرناطة ؛ وصار لهم ذلك سنّة متّبعة ، متى وجدوا بمدينة فتحوها (٣) يهودا ، يضمّونهم إلى قصبتها ، ويجعلون معهم طائفة من المسلمين يسدّونها. ثم مضى الجيش إلى تدمير.
وكان دخول طارق بن زياد الأندلس يوم الاثنين لخمس خلون من رجب سنة اثنتين وتسعين (٤). وقيل في شعبان ، وقيل في رمضان ، بموافقة شهر غشت من شهور العجمية.
وذكر معاوية بن هشام وغيره (٥) : أن فتح ما ذكر تأخّر إلى دخول موسى بن نصير في سنة ثلاث وتسعين. فتوجّه ابنه عبد الأعلى في جيش إلى تدمير فافتتحها ، ومضى (٦) إلى إلبيرة فافتتحها ، ثم توجّه إلى مالقة.
قال المؤلّف رحمه الله : ولمّا استقرّ ملك الإسلام بجزيرة الأندلس ، ورمى إلى قصبتها الفتح ، واشرأبّ في عرصاتها الدّين ، ونزلت قرطبة وسواها العرب ، فتبوّؤوا الأوطان ، وعمروا البلدان ، فالدّاخلون على يد موسى بن نصير يسمّون بالبلديّين ، والداخلون بعضهم مع بلج بن بشر القشيري ، يسمّون بالشّاميين. وكان دخول بلج بن بشر القشيري بالطّالعة البلجيّة سنة خمس وعشرين ومائة.
ولمّا دخل الشاميّون مع أميرهم بلج ، حسبما تقرّر في موضعه ، وهم أسود الشّرى (٧) عزّة وشهامة ، غصّ بهم السابقون إلى الأندلس ، وهم البلديّون ، وطالبوهم بالخروج عن بلدهم الذي فتحوه ، وزعموا أنه لا يحملهم وإياهم ، واجتمعوا لغزوهم ، فكانت الحروب تدور بينهم ، إلى أن وصل الأندلس أبو الخطّار حسام بن ضرار الكلبي ، عابرا إليها البحر من ساحل تونس ، وأظلّ على قرطبة على حين غفلة ، وقد
__________________
(١) قوله : «إلى كورة جيان» غير واردة في أخبار مجموعة.
(٢) هنا ينقطع النص في أخبار مجموعة ، ويتابع في اللحمة البدرية.
(٣) كلمة «فتحوها» ساقطة في اللمحة.
(٤) في تاريخ افتتاح الأندلس (ص ٣٣): «وكان دخول طارق الأندلس في رمضان سنة اثنتين وتسعين».
(٥) النص في اللمحة البدرية (ص ٢٦).
(٦) في اللمحة : «ثم مضى».
(٧) المراد شرى الفرات ، وهو ناحيته ، ويقال للشجعان : ما هم إلّا أسود الشّرى ، وقيل : الشّرى : مأسدة بعينها. معجم البلدان (ج ٣ ص ٣٣٠).