سفره من المسلمين ؛ وبلغ الخبر فعظم الفجع ؛ وبينا (١) نحن نروم سفر أسطول يأخذ الثار ، ويستقري الآثار ، فيقيل العثار ؛ إذ (٢) اتّصل الخبر بمهادنة السلطان المذكور ، ففدي من أسر بذلك المال الذي ينيف على سبعة آلاف من العين في ذلك ؛ فتخلّص من المحنة لأيام قلائل ، وعاد ؛ فتولّى السلطان إرضاءه عمّا فقد ، وضاعف له الاستغناء وجدّد ؛ وكان حديثه من أحاديث الفرج بعد الشدّة محسوبا ، وإلى سعادة السلطان منسوبا. وأنشدته شعرا في مصابه ، بعدها ، وقد قضيت له من برّ السلطان على عادتي ، ما جبر الكسر ، وخفض الأمر : [المتقارب]
خلصت كما خلص الزّبرقان |
|
وقد محق النّور عنه السّرار (٣) |
وفي السّيّق والرار |
|
في هذا سرّ وفي ذا أسرار (٤) |
وكان تاريخ هذه المحنة المردفة المنحة ، حسبما نقلته من خطّه ؛ قال : «اعلموا يا سيدي أبقاكم الله تعالى ، أنّ سفرنا من ألمريّة ، كان في يوم الخميس السادس لشهر ربيع الآخر من عام ثمانية وستين وسبعمائة ، وتغلّب علينا العدو في عشيّة يوم الجمعة الثاني منه ، بعد قتال شديد ؛ وكان خروجنا من الأسر في يوم السبت الثاني والعشرين لربيع الثاني المذكور ، وكان وصولي إلى الأندلس في أسطول مولانا نصره الله ، في جمادى الآخرة من العام المذكور ، بعد أن وصلوا قرطاجنّة وأخذوا أجفانا ثلاثة من أجفان العدوّ ، وعمل المسلمون الأعمال الكريمة».
إبراهيم بن خلف بن محمد بن الحبيب بن عبد الله بن عمر
ابن فرقد القرشي العامري (٥)
قال ابن عبد الملك : كذا وقفت على نسبه بخطّه في غير ما موضع من أهل مورة (٦) ، وسكن إشبيلية.
حاله : كان متفنّنا في معارفه ، محدّثا ، راوية ، عدلا ، فقيها ، حافظا ، شاعرا ، كاتبا ، بارعا ، حسن الأخلاق ، وطئ الأكناف ، جميل المشاركة لإخوانه وأصحابه ، كتب بخطه الكثير من كبار الدّواوين وصغارها ، وكان من أصحّ الناس كتبا ، وأتقنهم
__________________
(١) في الأصل : «وبين».
(٢) في الأصل : «إذا».
(٣) في الأصل : «السّرا».
(٤) البيت منكسر الوزن ، ولا معنى له ، وخصوصا صدره.
(٥) ترجمة إبراهيم بن خلف العامري في التكملة (ج ١ ص ١٣١).
(٦) مورة ، بالإسبانيةMora : حصن بالأندلس من أعمال طليطلة. معجم البلدان (ج ٥ ص ٢٢١).