شعره : له أشعار في التصوّف بارعة ، فمن ذلك ما نقلته من خط الكاتب أبي إسحاق بن زكريا في مجموع جمع فيه الكثير من القول : [الوافر]
يضيق عليّ من وجدي الفضاء |
|
ويقلقني من الناس العناء |
وأرض الله واسعة ولكن |
|
أبت نفسي تحيط بها السماء |
رأينا العرش والكرسيّ أعلى |
|
فواليناهما حرم الولاء (١) |
فأين الأين منّا أو زمان |
|
بحيث لنا على الكلّ استواء |
شهدنا للإله بكلّ حكم |
|
فغاب القلب وانكشف الغطاء |
ويدعوني الإله إليه حقّا |
|
فيؤنسني من الخوف الرّجاء |
ويقبضني ويبسطني ويقضي |
|
بتفريقي وجمعي ما يشاء |
ويعي في وجود الخلق نحوا |
|
ينعت من تولّاه الفناء |
فكم أخفي وجودي وقت فقدي |
|
كأن الفقد والإحيا سواء |
فسكر ثم صحو ثم سكر |
|
كذاك الدهر ليس له انقضاء |
فوصفي حال من وصفي ولكن |
|
ظهور الحقّ ليس له خفاء |
إذا شمس النهار بدت تولّت |
|
نجوم الليل ليس لها انجلاء |
ومن شعره : [البسيط]
كم عارف سرحت في العلم همّته |
|
فعقله لحجاب العقل هتّاك |
كساه نور الهدى بردا وقلّده |
|
درّا ففي قلبه للعلم أسلاك |
كسب ابن آدم في التحقيق كسوته |
|
إنّ القلوب لأنوار وأحلاك |
كلّف فؤادك ما يبدي عجائبه |
|
إنّ ابن آدم للأسرار درّاك |
كيف وكم ومتى والأين منسلب |
|
عن وصف باريها والجهل تبّاك |
كبّر وقدّس ونزّه ما أطقت فلم |
|
يصل إلى ملك الأملاك أملاك |
كرسيه ذلّ والعرش استكان له |
|
ونزه الله أملاك وأفلاك |
كلّ يقرّ بأنّ العجز قيّده |
|
والعجز عن درك الإدراك درّاك |
وقال : وهو ما اشتهر عنه ، وأنشدها بعض المشارقة في رحلته في غرض اقتضى ذلك ، يقتضي ذكره طولا : [البسيط]
يا من أنامله كالمزن هامية |
|
وجود كفّيه أجرى من يجاريها |
__________________
(١) هنا اختلفت حركة الروي ، فجاءت مكسورة ، وهذا ما نسمّيه بالإقواء.