وتافلة ومعوّذة ، قد جعلوا به سيفا مصلتا على سبيل اللّواعب بالنّصول والرّواقص ، في مدارج اللهو ؛ واستخرجت طبول الملك فقرعت ، وقيدت الخيل من مرابطها فركبت ، وقصدت الخزائن السلاحية ففرقت ، وتمّ الأمر ، وحلّ من الريب على دار الإمارة القصد ، وخرجت الكتب إلى البلاد والقواعد ، فالتقت باليد أمهاتها لقطع من بها من أولي الأمانة ، بتمام الأمر ، وهلاك السلطان ، فتمّ له الأمر ، وبادر أخوه السلطان لحينه لظهر سابق كان مرتبطا عند مجرّ له من الجنّة لصق القلعة ، فاستأجر الليل ، ووافق الحزم ، فاستقرّ بوادي آش ، وكان أملك بها ، ونازلته المحلّات ، وأخذ بمخنّقه الحصص ، واستنصرت لمنازلته الناس ، وأعملت الحيل ؛ وتأذّن الله بثبوت قدمه ، وانتقاله إلى ملك المغرب صبح عيد النحر من العام المذكور ؛ إلى أن أعاد الله إليه أمره وردّ عليه حقّه ، وتولّى بعد اليأس جبره ، حسبما يذكر في موضعه ، إن شاء الله.
وخلا الجو لهذا الأمير المضعوف ، واستولى على أريكة الملك الأغمار وأولو البطالة ، وأولياء صهره الرئيس ، خاطبها له ابتداء ثم ناقلها إلى نفسه انتهاء ، وحاملها إلى غايته درجا ، وإلى إعاقته سلّما ؛ وهو ما هو من غشّ الحبيب ، وسوء العقد ، ودخل السريرة ، واستيطان المكروه ، فأغرى منه بالعهد نفسا مطاوعة للشهوة ، متبرّمة بالامتحان والخلوة ، بريّة من نور العلم وتهذيب الحكمة ، ناشئة بين أخابيث القسوة ، جانية أماني الشهوة والمخالفة ، مضادّة للفلاح ، حايدة عن سبيل النجاة ، بمحل اغتراب عن النّصحاء ، وانتباذ عن مقاعد الأحرار ؛ فجرى طلق الجموح في التخلّف ، حتى كبا لفيه ويديه ، وأعان نسمة السوء الرئيس على نفسه ؛ وقد كان اصطنع الرجال ، واستركب أولي البسالة ، وأسالف الدّعرة ؛ واختصّ في سبيل خدمته والذبّ عنه ، بالبؤساء والمساعير ، يشركهم في الأكلة ، ويصافيهم النعمة. وأظلم ما بينهما ، فحذر كلّ جانب أخيه ، إلّا أن المهين كا أضعف من أن يستأثر بخطة المعالجة ، ويهتدي إلى سبيل الحزم. وفي عشيّ يوم الأربعاء السابع والعشرين من شهر شعبان ، شارفه من مكمن غدره الرّحب بجوار قصره ، وارتبط به الخيل واستكثر من الحاشية ، وأخفى المساعير ، وداخل الموروري المشؤوم على الدولة ، فبادر رجاله سدّ الأبواب ، وانخرط في جملة أوباشه من باب السلطان ، من الرّجل لنظر ممالئه في العناء ، وعونه على الهول الموروري ، فأحاط به ، وقد بادر الاعتصام بالمصنع ثاني الصرح المنسوب إلى هامان سموّا ونفالا في السّكاك (١) وسعة ذرع. وبعدما رقي وصرخ بالناس ،
__________________
(١) السّكاك : الهواء الملاقي عنان السماء ، والسماء. محيط المحيط (سكك).