كاتبه : واستعمل في الكتابة صاحبنا الرجل الأخرق ، الطّوال ، الأهوج ، البريّ من الخلال الحميدة ، إلّا ما كان من وسط الخط وسوقيّ السجع ، والدرك الأسفل من النظم ، عبد الحق (١) بن محمد بن عطية المحاربي ، الآتي ذكره (٢). وهو الذي أفرده الله ، جلّ جلاله ؛ بالغاية البعيدة من مجال سوء العهد ؛ وقلّة الوفاء. وتولّى القضاء أبو جعفر (٣) أحمد بن أبي القاسم بن جزي أياما ، ثم شهّر به قوم من الفقهاء منافسيه ، ورشقوه بما أوجب صرفه ؛ وقدّم للقضاء الشيخ المسنّ ، الطويل السّباحة في بحر الأحكام ، المفري الودجين والحلقوم بسكّين القضاء ، المنبوز (٤) بالموبقات فيه ، تجاوز الله عنه ، سلمون بن علي بن سلمون. وشيخ الغزاة على عهده ، يحيى بن عمر بن عبد الله بن عبد الحق ، شيخ الغزاة لأخيه ، أصبح يوم الكائنة في قياده ، ونصح له فأمر له ؛ وضاعف برّه.
الملوك على عهده
مولده : في يوم الاثنين الثامن والعشرين لربيع الأول من عام أربعين وسبعمائة.
وفاته : حسبما تقرّر آنفا في يوم الأربعاء السابع والعشرين لشعبان من عام أحد وستين وسبعمائة.
أبو بكر بن إبراهيم ، الأمير أبو يحيى المسوفي الصحراوي (٥)
من أمراء المرابطين ، صهر علي بن يوسف بن تاشفين ، زوج أخته ، وأبو ولده منها يحيى ، المشهور بالكرم.
أوّليّته : معروفة تستقرأ عند ذكر ملوكهم.
حالهم : كان مثلا في الكرم ، وآية في الجود ، أنسى أجواد الإسلام والجاهلية إلى الغاية ؛ في الحياء والشجاعة والتّبريز في ميدان الفضائل. استوزر الوزير الحكيم الشهير أبا بكر بن الصائغ ، واختصّه ؛ فتجمّلت دولته ونبه قدره. وأخباره معه شهيرة.
__________________
(١) في اللمحة البدرية (ص ١٢٧): «الفقيه أبو محمد عبد الحق بن أبي القاسم بن عطية المحاربي».
(٢) ستأتي ترجمته في الجزء الثالث من الإحاطة.
(٣) في اللمحة البدرية (ص ١٢٨): «الفقيه أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن جزي».
(٤) المنبوز : المعروف ، المشهور.
(٥) أخبار أبي بكر بن إبراهيم ، المشور بابن تيفلويت ، صاحب سرقسطة ، في البيان المغرب (ج ٤ ص ٦١) والمغرب (ج ١ ص ٦١) و (ج ٢ ص ١١٩) ، والحلة السيراء (ج ٢ ص ٢٧٦). والمسوفي : نسبة إلى مسوفة وهي قبيلة بربرية من بطون صنهاجة.