ووجّهوه إلى علي بن يوسف ، فآثر الإبقاء عليه ، وعفا عنه ، واستعمله بسرقسطة ؛ كذا ذكره الملّاحي ، وأشار إليه. وعندي أن الأمر ليس كذلك ، وأنّ الذي جرى له ذلك ، أبو بكر بن علي بن يوسف بن تاشفين ، فيتحقّق.
وفاته : توفي بسرقسطة في سنة عشر وخمسمائة بعد أن ضاق ذرعه بطاغية الروم ، الذي أناخ عليه بكلكله. وعندما تعرّف خبر وفاته ، واتصلت بالأمير أبي إسحاق إبراهيم بن تاشفين ، وهو يومئذ والي مرسية ، بادر إلى سرقسطة ، فضبطها ، ونظر في سائر أمورها ، ثم صدر إلى مرسية.
رثاؤه : ورثاه الحكيم أبو بكر بن الصائغ (١) بمراث اشتهر عنه منها قوله (٢) : [الطويل]
سلام وإلمام ووسميّ مزنة (٣) |
|
على الجدث النائي (٤) الذي لا أزوره |
أحقّ أبو بكر تقضّى فلا ترى (٥) |
|
تردّ جماهير الوفود ستوره |
لئن أنست تلك اللحود بلحده (٦) |
|
لقد أوحشت أقطاره (٧) وقصوره |
ومن ذلك قوله (٨) : [الخفيف]
أيها الملك قد (٩) لعمري نعى المج |
|
د نواعيك (١٠) يوم قمنا فنحنا |
__________________
(١) هو محمد بن يحيى بن باجّة ، فيلسوف الأندلس وإمامها في الألحان ، استوزره أبو بكر بن إبراهيم ، المعروف بابن تيفلويت صاحب سرقسطة. توفي سنة ٥٣٣ ه. وترجمته في قلائد العقيان (ص ٢٩٨) ، والمغرب (ج ٢ ص ١١٩) واسمه فيه : محمد بن الحسين بن باجه ، وعيون الأنباء في طبقات الأطباء (ص ٥١٥) ، ووفيات الأعيان (ج ٤ ص ٤٢٢) ، وخريدة القصر ـ قسم شعراء المغرب (ج ٢ ص ٢٨٣) ، والوافي بالوفيات (ج ٢ ص ٤٢٠) ، ومطمح الأنفس (ص ٣٩٧) ، ومعجم الأدباء (ج ٤ ص ٥٤٧ في ترجمة ابن خاقان). وسترد ترجمته في الجزء الرابع من الإحاطة في ترجمة ابن خاقان.
(٢) الأبيات في المغرب (ج ٢ ص ١١٩) ، وقلائد العقيان (ص ٣٠٣).
(٣) في المغرب : «... وإلمام وروح ورحمة على الجسد النائي ...».
(٤) في الأصل : «الثاني» والتصويب من المصدرين.
(٥) في المصدرين : «أحقّا أبا بكر تقضّى فما يرى ...».
(٦) في القلائد : «القبور بلحده» ، وفي المغرب : «... تلك القبور بقبره».
(٧) في الأصل : «أقصاره» والتصويب من القلائد. وفي المغرب : «أمصاره».
(٨) الأبيات في قلائد العقيان (ص ٣٠٠ ـ ٣٠١).
(٩) في الأصل : «المفدّى» وهكذا ينكسر الوزن ، والتصويب من القلائد.
(١٠) في الأصل : «ناعيك» والتصويب من القلائد.