بلكّين بن باديس بن حبّوس بن ماكسن بن زيري
ابن مناد الصّنهاجي (١)
الأمير الملقّب بسيف الدولة ، صاحب أمر والده والمرشح للولاية بعده.
حاله : قال المؤرّخ (٢) : كان زيري بن مناد ، ممّن ظهر في حرب ابن يزيد بإفريقية ، واتّسم هو وقومه بطاعة العبيديين أمراء الشيعة ، فكانوا حربا لأضدادهم من زناتة الموالين لأملاك المراونة (٣) لتحقّق جدّهم خزر بولايته عثمان بن عفان ، رضي الله عنه ؛ فلمّا صار الأمر إلى بني مناد بعد انتقال ملك الشيعة إلى المشرق ، وولّي الأمر باديس بن منصور بن بلكّين بن زيري ، ذهب أعمامه وأعمام أبيه إلى استضعافه ، فلم يعطهم ذلك من نفسه ، ووقعت بينهم الحرب التي قتل فيها عمّ أبيه ماكسن بن زيري ، فرهب الباقون منهم صولة باديس ، وخافوا عاديته على أنفسهم ، على صغر سنّه ؛ فخاطب شيخ بيته يومئذ زاوي بن زيري ومعه أبناء أخيه ، المظفّر بن أبي عامر ليجوز إليه إلى الأندلس رغبة في الجهاد ، فألفى همّة بعيدة ، وملكا شامخا ، يذهب إلى استخدام الأشراف واصطناع الملوك ، فأذن في ذلك ؛ فدخل منهم جماعة الأندلس مع أميرهم زاوي بن زيري ، ومعه أبناء أخيه حباسة وحبّوس وماكسن ؛ فأنزلهم المظفّر وأكرمهم ، إلّا أنهم كابدوا مشقّة من دهرهم الذي أصارهم يخدمون بأبواب الملوك من أعدائهم غيرهم ؛ فلمّا انهدمت الإمامة ، وانشقّت عصا الجماعة ، سعوا في الفتنة سعي غيرهم ؛ من سائر قبائل البرابرة ، عند تشديد أهل الأندلس للبربر ؛ وانحازوا عند ظهورهم على أهل الأندلس ، بملوك بني حمّود ، إلى بلاد تضمّهم ، فانحازت صنهاجة مع شيخهم ورئيسهم زاوي بن زيري إلى مدينة غرناطة. ثم آثر زاوي العودة إلى وطنه إفريقية ، فخرج عن الأندلس حسبما يتفسر في موضعه. والتفّ قومه على ابن أخيه حبّوس بن ماكسن ، في جماعة عظيمة تحمي حوزته ، وأقام بها ملكا ؛ وغلب على ما اتصل بمدينته من الكور ، فتملّك قبرة (٤) ، وجيّان (٥) ، واتّسع نظره ، وحمى وطنه ورعيّته ممّن جاوره من البرابر ؛ وكان داهية شجاعا ، فدامت رئاسته ، واتصل ملكه ،
__________________
(١) بلكين أو بلقين بن باديس ولّاه أبوه على مالقة بعد أن ضمّها إلى غرناطة عام ٤٤٩ ه ، واستمرت ولايته عليها إلى سنة ٤٥٦ ه حيث توفي مسموما. انظر أخباره في كتاب : مملكة غرناطة في عهد بني زيري للدكتورة مريم قاسم طويل (ص ١٦٢ وما بعدها).
(٢) قارن بالبيان المغرب (ج ٣ ص ٢٦٣).
(٣) المراونة : هم بنو مروان الأمويون.
(٤) قبرة : بالإسبانيةCabra ، وتتصل بأعمال قرطبة من قبليّها. راجع مملكة غرناطة في عهد بني زيري البربر (ص ٦٢).
(٥) جيان : بالإسبانيةJaen ، وتسمّى قنّسرين لشبهها بها. راجع المرجع السابق (ص ٥٩).