إلى أن هلك. فولى بعده ابنه باديس ، وسيأتي التعريف به ؛ وولد له ابنه بلكّين هذا المترجم به ، فرشّحه إلى ملكه ، وأخذ له بيعة قومه ، وأهّله للأمر من بعده. قال المؤرّخ (١) : ونشأ لباديس بن حبّوس ، ولد اسمه بلكّين ، وكان عاقلا نبيلا ، فرشّحه للأمر من بعده ؛ وسمّاه سيف الدولة ؛ وقال : ولّي مالقة في حياة أبيه ، وكان نبيلا جليلا ؛ ووقعت على كتاب بخطه نصّه بعد البسملة :
«هذا ما التزمه واعتقد العمل به ، بلكّين بن باديس ، للوزير القاضي أبي عبد الله بن الحسن الجذامي سلّمه الله. اعتقد به إقراره على خطّة الوزارة ، والقضاء في جميع كوره (٢) ، وأن يجري من الترفيع والإكرام له إلى أقصى غاية ، وأن يحمل (٣) على الجراية في جميع أملاكه بالكور (٤) المذكورة ، حاضرتها وباديتها ، الموروثة منها ، والمكتسبة ، القديمة الاكتساب والحديثة ، وما ابتاع منها من العالي (٥) ، رحمه الله وغيره ، لا يلزمها وظيف بوجه ، ولا يكلّف منها كلفة ، على كل حال ، وأن يجري في قرابته ، وخوله وحاشيته وعامري ضيعه ، على المحافظة والبرّ والحرية. وأقسم على ذلك كلّه بلكّين بن باديس بالله العظيم ، والقرآن (٦) الحكيم ، وأشهد الله على نفسه وعلى التزامه له ، وكفى بالله شهيدا. وكتب بخطّ يده مستهل شهر رمضان العظيم سنة ثمان (٧) وأربعين وأربعمائة ، والله المستعان». ولا شكّ أن هذا المقدار يدلّ على نبل ، ويعرف عن كفاية.
سبب وفاته : قال صاحب البيان المغرب وغيره (٨) : وأمضى باديس كاتب أبيه ووزيره(٩) إسماعيل بن نغرالة (١٠) اليهودي على وزارته وكتابته وسائر أعماله ، ورفعه
__________________
(١) قارن بتاريخ قضاة الأندلس (ص ١٢١ ـ ١٢٢).
(٢) في تاريخ قضاة الأندلس : «جميع كورة ريّة».
(٣) في تاريخ قضاة الأندلس : «وأن يجري على الجزية ...».
(٤) في تاريخ قضاة الأندلس : «بكورة ريّة».
(٥) العالي : هو خليفة الأندلس إدريس بن يحيى بن حمود ، وقد حكم غرناطة وقرمونة سنة ٤٣٤ ه ، وخلع سنة ٤٣٨ ه ، بعد أربع سنين من حكمه.
(٦) في تاريخ قضاة الأندلس : «وبالقرآن».
(٧) في تاريخ قضاة الأندلس : «سنة ٤٤٩».
(٨) البيان المغرب (ج ٣ ص ٢٦٤ ـ ٢٦٦).
(٩) في البيان المغرب : «فأمضى باديس وزيرا له وكاتبا ، وزير أبيه إسماعيل ...».
(١٠) إن الذين ترجموا لإسماعيل اختلفوا في رسم اسم شهرته ؛ فأسماه ابن حزم ابن النغرال ، ثم قال : ابن النغريلة. وذكره صاعد الأندلسي ابن الغزال. وجعله الأمير عبد الله كابن الخطيب ابن نغرالة ، وكتبه ابن عذاري : نغرالة. وهو عند ابن خلدون : نعزلة. وعند المقري : نغدلة. وأغلب الظن أن هذا التباين في رسم شهرته عائد إلى طبيعة النطق أو إلى تصحيف الناسخ أو المحقّق أو المترجم. انظر الفصل في الملل والأهواء والنّحل (ج ١ ص ١٥٢) ، ورسائل ابن حزم (ج ٣ ـ