سماعه ، فقمنا نلعنه ، وخجلت من أبي العباس ، واعتذرت له. ثم اتفق أن اجتمعنا في مجلس الأمير الذي كنت قد قصدته ، فقال أبو العباس : إن أبا علي قد حفظ لبعض الحاضرين شعرا في الزهد ، من أعذب الكلام وأحسنه ، فسألني الأمير وطلب مني إنشاده ، فخجلت ثم ثاب إليّ عقلي ، فنظمت بيتين ، فأنشدتهما إيّاه وهما : [المنسرح]
أشهد ألّا إله إلّا الله |
|
محمد المصطفى رسول الله |
لا حول للخلق في أمورهم |
|
إنما الحول كلّه لله |
قال : فأعجب الأمير ذلك واستحسنه.
ومن مقاماته بين يدي الملوك وبعض حاله ، نقلت من خط صاحبنا الفقيه القاضي أبي الحسن بن أبي الحسن ، قال : المروي منسوب إلى قرية بقرب مالقة ، وهو الذي قال فيه الشيخ أبو الحجاج بن الشيخ رضي الله عنه : [المجتث]
إذا سمعت من اسرى |
|
ومن إلى المسجد أسرى |
فقل ولا تتوقّف |
|
أبا علي ابن كسرى |
قال : وهو قريب الأستاذ الأديب أبي علي الإستجي ومعلّمه ، وأحد طلبة الأستاذ أبي القاسم السّهيلي ، وممّن نبع صغيرا ، وارتحل إلى غرناطة ومرسية. وهو الذي أنشد في طفولته السيد أبا إسحاق بإشبيلية : [الكامل]
قسما بحمص (١) وإنّه لعظيم |
|
وهي المقام وأنت إبراهيم |
وكان بالحضرة أبو القاسم السّهيلي ، فقام عند إتمامه القصيدة ، وقال : لمثل هذا أحسيك الحسا ، وأواصل في تعليمك الإصباح والإمساء ، وكان يوما مشهودا.
وأنشد الأمير أبا يعقوب حين حلّها : [الطويل]
أمعشر أهل الأرض في الطول والعرض |
|
بهذا استنادي في القيامة والعرض |
لقد قال فيك الله ما أنت أهله |
|
فيقضي بحكم الله فيك بلا نقض |
وإياك يعنى ذو الجلال بقوله |
|
كذلك مكّنّا ليوسف في الأرض |
وذكره ابن الزّبير ، وابن عبد الملك ، وابن عسكر ، وغيرهم.
__________________
(١) حمص : هي إشبيلية.