ومن شعره في معنى الانقطاع والتسليم إلى الله تعالى ، وهي لزوميّة ، ولنختم بها ، ختم الله لنا بالحسنى : [الطويل]
إلهي أنت الله ركني وملجئي |
|
وما لي إلى خلق سواك ركون |
رأيت بني الأيام عقبى سكونهم |
|
حراك وفي عقبى الحراك سكون |
رضى بالذي قدّرت تسليم عالم |
|
بأنّ الذي لا بدّ منه يكون |
وفاته : توفي بمدينة مالقة في حدود ثلاث وستمائة.
الحسين بن عتيق بن الحسين بن رشيق التغلبي
يكنى أبا علي ، مرسيّ الأصل ، سبتيّ الاستيطان ، منتم إلى صاحب الثورة على المعتمد(١).
حاله : كان نسيج وحده ، وفريد دهره ، إتقانا ومعرفة ، ومشاركة في كثير من الفنون اللسانية والتعالميّة ، متبحّرا في التاريخ ، ريّانا من الأدب ، شاعرا مفلقا ، عجيب الاستنباط ، قادرا على الاختراع والأوضاع ، جهم المحيّا ، موحش الشكل ، يضمّ برداه طويّا لا كفاء له ، تحرّف بالعدالة ، وبرّز بمدينة سبتة ، وكتب عن أميرها ، وجرت بينه وبين الأديب أبي الحكم مالك بن المرحّل من الملاحات والمهاترات أشدّ ما يجري بين متناقضين ، آلت به إلى الحكاية الشهيرة ، وذلك أنه نظم قصيدة نصّها : [الكامل]
لكلاب سبتة في النّباح مدارك |
|
وأشدّها دركا لذلك مالك (٢) |
شيخ تفانى في البطالة عمره |
|
وأحال فكّيه الكلام الآفك |
كلب له في كلّ عرض عضّة |
|
وبكلّ محصنة لسان آفك |
متهمّم (٣) بذوي الخنا متزمّع |
|
متهازل بذوي التّقى متضاحك |
أحلى شمائله السّباب المفتري |
|
وأعفّ سيرته الهجاء الماعك |
وألذّ شيء عنده في محفل |
|
لمز لأستار المحافل هاتك |
__________________
(١) صاحب الثورة على المعتمد بن عباد ، صاحب إشبيلية ، هو عبد الله بن رشيق ، الذي قام على المعتمد بمرسية ـ إذ كانت مرسية آنذاك تابعة لمملكة إشبيلية وكان عليها ابن عمار من قبل المعتمد ـ فاستقل بها ابن رشيق وطرد منها ابن عمار ، ودعا إلى نفسه. ابن بلقين : مذكرات الأمير عبد الله (ص ١١٠ ـ ١١١) ، والمعجب (ص ١٩٢) ، ومملكة غرناطة (ص ٢١١ ـ ٢١٢).
(٢) هو أبو الحكم مالك بن المرحّل ، الذي تقدّم اسمه.
(٣) في الأصل : «متهم» وكذا لا يستقيم الوزن والمعنى معا.