قال أبو الحجاج يوسف بن سعيد بن حسّان : [الطويل]
أحنّ إلى غرناطة كلما هفّت |
|
نسيم الصّبا تهدى الجوى وتشوق |
سقى الله من غرناطة كل منهل |
|
بمنهل سحب ماؤهنّ هريق |
ديار يدور الحسن بين خيامها |
|
وأرض لها قلب الشّجيّ مشوق |
أغرناطة العليا بالله خبّري |
|
أللهائم الباكي إليك طريق؟ |
وما شاقني إلا نضارة منظر |
|
وبهجة واد للعيون تروق |
تأمّل إذا أمّلت حوز مؤمّل |
|
ومدّ من الحمرا عليك شقيق |
وأعلام نجد والسّبيكة قد علت |
|
وللشّفق الأعلى تلوح بروق |
وقد سلّ شنّيل (١) فرندا مهنّدا |
|
نضى فوق درّ ذرّ فيه عقيق |
إذا نمّ منه طيب نشر أراكه |
|
أراك فتيت المسك وهو فتيق |
ومهما بكى جفن الغمام تبسّمت |
|
ثغور أقاح للرّياض أنيق |
ولقد ولعت الشعراء بوصف هذا الوادي ، وتغالت الغالات فيه ، في تفضيله على النيل بزيادة الشّين (٢) ، وهو ألف من العدد ، فكأنه نيل بألف ضعف ، على عادة متناهي الخيال الشعري ؛ في مثل ذلك.
ولقد ألغزت فيه لشيخنا أبي الحسن بن الجيّاب (٣) ، رحمه الله ، وقد نظم في المعنى المذكور ما عظم له استطرابه وهو : [البسيط]
ما اسم إذا زدته ألفا من العدد |
|
أفاد معناه لم ينقص ولم يزد |
__________________
ـ أجمل متنزهات غرناطة وأظرفها. وسيذكره ابن الخطيب في هذا الجزء باسم «حوز مؤمل» وذلك في ترجمة حفصة بنت الحاج الركوني. راجع أيضا المغرب (ج ٢ ص ١٠٣) ، ونفح الطيب (ج ١ ص ٤٧٥) و (ج ٣ ص ٣١٥) ، ومملكة غرناطة في عهد بني زيري البربر (ص ٣٥).
(١) شنيل : بالإسبانيةGenil ، وهو نهر غرناطة الكبير. المغرب (ج ٢ ص ١٠٣) ، وتقويم البلدان (ص ١٧٧) ، وكتاب العبر (م ٧ ص ٦٨٩) ، ونفح الطيب (ج ٥ ص ٨). وقد ذكره ابن صاحب الصلاة مكتفيا بالقول : «وادي شنيل على قرب من غرناطة». تأريخ المن بالإمامة (ص ١٩١). وفي كتاب مملكة غرناطة في عهد بني زيري للدكتورة مريم قاسم دراسة مستفيضة عن هذا النهر ، فليراجع (ص ٤٧ ـ ٤٩).
(٢) ورد شيء من هذا في نفح الطيب (ج ١ ص ١٤٧).
(٣) ترجمة أبي الحسن علي بن الجياب في الكتيبة الكامنة (ص ١٨٣) ، ونثير فرائد الجمان (ص ٢٣٩) ، ونيل الابتهاج طبعة فاس (ص ١٩٣) ، والديباج المذهب (ص ٢٠٧) ، ودرة الحجال في أسماء الرجال (ج ٢ ص ٤٣٥) ، ونفح الطيب (ج ٧ ص ٤٠٧) و (ج ٨ ص ٣٩٧). وسيترجم له ابن الخطيب في الجزء الرابع من الإحاطة.