قال ابن عذاري (١) : كانت فيه بطالة ، إلّا أنه كان شجاعا (٢) ، مبسوط اليد ، عظيم العفو ، وكان يسلّط قضاته وحكّامه على نفسه ، فضلا عن ولده وخاصّته. وهو الذي جرت على يده الفتكة العظيمة بأهل ربض قرطبة (٣) ، الذين هاجوا به وهتفوا بخلعانه ، فأظهره الله عليهم ، في خبر شهير. وهو الذي أوقع بأهل طليطلة أيضا ، فأبادهم بحيلة الدّعاء إلى الطعام بما هو معلوم.
دخوله غرناطة : قالوا : وبإلبيرة وأحوازها تلاقى مع عمّه أبي أيوب سليمان بن عبد الرحمن ، فهزمه وقتله حسبما ثبت في اسم أبي أيوب.
شعره : قالوا : وكان له خمس جوار قد استخلصهنّ لنفسه ، وملّكهنّ أمره ، فذهب يوما إلى الدخول عليهنّ ، فتأبّين عليه ، وأعرضن عنه ، وكان لا يصبر عنهنّ ، فقال (٤) : [البسيط]
قضب من البان ماست فوق كثبان |
|
ولّين (٥) عنّي وقد أزمعن هجراني |
ناشدتهنّ بحقّي فاعتزمن على ال |
|
عصيان (٦) حتى خلا منهنّ همياني |
ملكنني ملك من ذلّت عزيمته |
|
للحبّ ذلّ أسير موثّق عاني |
من لي بمغتصبات (٧) الرّوح من بدني |
|
يغصبنني في الهوى عزّي وسلطاني |
ثم عطفن عليه بالوصال فقال (٨) : [الخفيف]
نلت كلّ (٩) الوصال بعد البعاد |
|
فكأنّي ملكت كلّ العباد |
وتناهى السرور إذ نلت ما لم |
|
يغن عنه تكاثف الأجناد |
__________________
(١) البيان المغرب (ج ٢ ص ٧٩).
(٢) في البيان المغرب : «كان شجاع النفس ، باسط الكفّ».
(٣) لذلك سمّي بالحكم الرّبضي ، والمراد الربض الغربي من العاصمة قرطبة ، وهو محلّه بها. معجم البلدان (ج ٣ ص ٢٦). وخبر ثورة الربضي أولا سنة ١٨٩ ه وثانيا سنة ٢٠٢ ه. البيان المغرب (ج ٢ ص ٧١ ، ٧٥) ، وتاريخ افتتاح الأندلس (ص ٦٨ ـ ٦٩) ، والحلّة السيراء (ج ١ ص ٤٤ ـ ٤٧) ، ونفح الطيب (ج ١ ص ٣٢٧).
(٤) الأبيات في البيان المغرب (ج ٢ ص ٧٩) ، والحلّة السيراء (ج ١ ص ٥٠) ، ونفح الطيب (ج ١ ص ٣٣٠).
(٥) في البيان المغرب : «أعرضن».
(٦) في المصدر نفسه : «الهجران».
(٧) في نفح الطيب : «بمقتضيات».
(٨) البيتان في البيان المغرب (ج ٢ ص ٧٩).
(٩) كلمة «كل» ساقطة في الأصل ، وقد أضفناها من البيان المغرب.