السّماع ، مكثرا ، عدلا ، ضابطا لما ينقله ، عارفا بطرق الحديث. أطال الرّحلة في بلاد الأندلس ، شرقها وغربها ، طالبا العلم بها ، ورحل إلى سبتة وغيرها من بلاد الأندلس العدوية (١). وعني بلقاء الشيوخ كبارا وصغارا والأخذ منهم أتمّ عناية ، وحصل له بذلك ما لم يحصل لغيره. وكان فهيما بصيرا بعقد الشروط ، حاذقا في استخراج نكتها ، تلبّس بكتبها زمانا طويلا بمسجد الوحيد من مالقة ، وكان محبّا في العلم وأهله ، حريصا على إفادته إيّاهم ، صبورا على سماع الحديث ، حسن الخلق ، طيّب النفس ، متواضعا ، ورعا ، منقبضا ، ليّن الجانب ، مخفوض الجناح ، حسن الهدى ، نزيه النفس ، كثير الحياء ، رقيق القلب ، تعدّد الثّناء عليه من الجلّة.
قال ابن الزّبير : كان من أهل العدالة والفضل ، وحسن الخلق ، وطيب النفس والتّواضع ، وكثرة الحياء. وقال ابن عبد المجيد : كان ممّن فضّله الله بحسن الخلق والحياء على كثير من العلماء. وقال أبو عبد الله بن سلمة مثل ذلك. وقال ابن (٢) ... بمثله.
مشيخته : قال الأستاذ : أقرأ (٣) بمرسية ، وأخذ بها ، وبقرطبة ، ومالقة ، وإشبيلية ، وغرناطة وسبتة ، وغيرها من بلاد الأندلس ، وغرب العدوة ، واعتناؤه يعينه وأخاه بباب الرّواة ، والأخذ عن الشيوخ ، حتى اجتمع لهما ما لم يجتمع لأحد من أهل عصرهما ؛ فمن ذلك أبوهما أبو داود ، وأبو الحسن صالح بن يحيى بن صالح الأنصاري ، وأبو القاسم بن حسن ، وأبو عبد الله بن حميد ، وأبو زيد السّهيلي ، وأبو عبد الله محمد بن محمد بن عراق الغافقي ، وأبو العباس يحيى بن عبد الرحمن المجريطي ، وعن ابن بشكوال. وأخذ عن أبي بكر بن الجد ، وأبي عبد الله بن زرقون ، وأبي محمد بن عبد الله ، وأبي عبد الله بن الفخّار الحافظ ، وأبي العباس بن مضاء ، وأبي محمد بن بونة ، وأبي محمد بن عبد الصمد بن يعيش الغسّاني ، وأبي بكر بن أبي حمزة ، وأبي جعفر بن حكم الزاهد ، وأبي خالد بن يزيد بن رفاعة ، وأبي محمد عبد المنعم بن الفرس ، وأبي الحسن بن كوثر ، وأبي عبد الله بن عروس ، وأبي بكر بن أبي زمنين ، وأبي محمد بن جمهور ، وأبي بكر بن النّيار ، وأبي الحسن بن محمد بن عبد العزيز الغافقي الشّقوري ، وأبي القاسم الحوفي القاضي ، وأبي بكر بن بيبش بن محمد بن بيبش العبدري ، وأبي الوليد بن جابر بن هشام الحضرمي ، وأبي
__________________
(١) بلاد الأندلس العدوية : الجهات التي كانت على ضفة بحر المتوسط ، المقابلة للجزيرة الخضراء ، وهي سبتة ومليلة وغيرهما.
(٢) بياض في الأصل.
(٣) قارن بالتكملة (ج ١ ص ٢٥٦ ـ ٢٥٧).