بكر بن مالك الشّريشي ، وأبي عبد اليسر الجزيري ، وأبي بكر بن عبد الله السكسكي ، وأبي الحجاج ابن الشيخ الفهري ، وغيرهم ممّن يطول ذكرهم.
قضاؤه وسيرته فيه : قال ابن أبي الربيع : لازمت (١) ابني حوط الله ، فكان أبو محمد يفوق أخاه والناس في العلم ، وكان أبو سليمان يفوق أخاه والناس في الحلم.
واستقضي بسبتة وألمريّة والجزيرة الخضراء ، وقام قاضيا بها مدة ، ثم نقل منها إلى قضاء بلنسية آخر ثمان وستمائة ، ثم صرف بأبي القاسم بن نوح ، وقدّم على القضاء بمالقة في حدود إحدى عشرة (٢) وستمائة ، فشكرت أحواله كلها ، وعرف في قضائه بالنّزاهة. قال أبو عبد الله بن سلمة : كان إذا حضر خصوم ، ظهر منه من التواضع ، ووطأة الأكناف ، وتبيين المراشد ، والصبر على المداراة ، والملاطفة ، وتحبيب الحقّ ، وتكريه الباطل ، ما يعجز عنه. ولقد حضرته. وقد أوجبت الأحكام عنده الحدود على رجل ، فهاله الأمر ، وذرفت عيناه ، وأخذ يعتب عليه ويؤنّبه على أن ساق نفسه إلى هذا ، وأمر بإخراجه ليحدّ بشهود في موضع آخر لرقّة نفسه ، وشدّة إشفاقه. واستمرّت ولايته بمالقة إلى أن توفي.
مولده : ببلدة أندة سنة ستين وخمسمائة (٣).
وفاته : قال أبو عبد الرحمن بن غالب : توفي إثر صلاة الصبح من يوم السبت سادس ربيع الآخر سنة إحدى وعشرين وستمائة ، ودفن إثر صلاة العصر يوم وفاته ، بسفح جبل فاره (٤) ، في الروضة المدفون بها أخوه أبو محمد ، فأتبعه الناس ثناء جميلا ؛ ذكر ، واختلفوا في جنازته ، وخرج إليها النساء والصبيان داعين متبكّين.
رضوان النّصري الحاجب المعظّم (٥)
حسنة الدولة النصرية ، وفخر مواليها.
أوّليّته : روميّ الأصل ، أخبرني أنه من أهل القلصادة (٦) ، وأن انتسابه يتجاذبه القشتالية من طرف العمومة ، والبرجلونيّة (٧) من طرف الخؤولة ، وكلاهما نبيه في
__________________
(١) قارن بالتكملة (ج ١ ص ٢٥٧).
(٢) في الأصل : «عشر» وهو خطأ نحوي.
(٣) في التكملة (ج ١ ص ٢٥٧): «ومولده بأنده سنة ٥٥٢».
(٤) جبل فاره : بالإسبانيةGibral faro ، يعلو مدينة مالقة وهو إلى الآن معروف بجبل الفارو ، أي المنارة. نزهة المشتاق (ص ٥٧٠) والتكملة (ج ٣ ص ١٧٩).
(٥) راجع أخبار رضوان النصري في اللمحة البدرية (ص ٩٤ ، ١٠٣ ، ١١٥).
(٦) قلصادة : بالإسبانيةla Calzada de calatrava ، وهي بلدة واقعة جنوب قشتالة.
(٧) نسبة إلى برجلونة ، أي برشلونة.