قال ابن حيّان (١) : فحلّ بهذه الوقيعة على جماعة الأندلس مصيبة (٢) أنست ما قبلها ، ولم يجتمع لهم (٣) جمع بعدها وفرّوا بإدبار (٤) ، وباؤوا بالصّغار.
منصرفه عن الأندلس :
قال المؤرّخ (٥) : ولهول ما عاينه زاوي من اقتدار أهل الأندلس في أيّام (٦) تلك الحروب وجعاجعهم ، وإشرافهم على التغلّب عليه ، هان سلطانه عنده بالأندلس ، وخرج (٧) عنها نظرا إلى عاقبة أمره ، ودعا بجماعة (٨) من قومه لذلك فعصوه ، وركب البحر بجيشه وأهله ، فلحق بإفريقية وطنه. قال : فكان من أغرب الأخبار في (٩) الدولة الحمّودية انزعاج ذلك الشيخ زاوي (١٠) عن سلطانه بعد ذلك الفتح العظيم الذي ناله على أهل الأندلس ، وعبوره البحر بعد أن استأذن ابن عمّه المعز بن باديس ، فأذن له. وحرص بنو عمّه بالقيروان ، على رجوعه لهم لحال سنّه ، وتقريبهم (١١) يومئذ من مثله من مشيختهم لمهلك جميع إخوتهم ، وحصوله هو على مقرّر (١٢) بني مناد ، الغريب الشأن (١٣) ، في أن لا تحجب عنهم نساؤهم وكنّ زهاء ألف امرأة في ذلك الوقت ، هنّ ذوات محرم من بنات إخوته وبناتهنّ وبني بنيهنّ. وكان رحيل زاوي عن الأندلس سنة عشر (١٤) وأربعمائة. قال ابن حيّان (١٥) : وأخبار هذا الداهية كثيرة ، وأفعاله ونوادره مأثورة.
زهير العامريّ ، فتى المنصور بن أبي عامر (١٦)
حاله : كان شهما داهية ، سديد المذهب ، مؤثرا للأناة ، ولي بعد خيران صاحب ألمريّة ، وقام بأمره أحمد قيام ، سنة تسع (١٧) عشرة وأربعمائة ، يوم الجمعة لثلاث
__________________
(١) النص في الذخيرة (ق ١ ص ٤٥٥) والبيان المغرب (ج ٣ ص ١٢٧).
(٢) في الذخيرة : «مصيبة سوداء».
(٣) في الذخيرة : «لهم على البربر جمع بعد».
(٤) في الذخيرة : «بالإدبار». وفي البيان المغرب : «وأقرّوا بالإدبار».
(٥) النص في الذخيرة (ق ١ ص ٤٥٧ ـ ٤٥٩).
(٦) كلمة «أيام» ساقطة في الذخيرة.
(٧) في الذخيرة : «وعزم على الخروج عنها نظرا في ...».
(٨) في الذخيرة : «جماعة».
(٩) في الذخيرة : «في تلك الدولة».
(١٠) في الذخيرة : «زاوي ابن زيري».
(١١) في الذخيرة : «وتعرّيهم يومئذ عن مثيله».
(١٢) في الذخيرة : «هو قعدد».
(١٣) في الذخيرة : «شأنه».
(١٤) في الأصل : «سنة ستة عشر وأربعمائة» ، والتصويب من الذخيرة.
(١٥) النص في الذخيرة (ق ١ ص ٤٦٠) والبيان المغرب (ج ٣ ص ١٢٩).
(١٦) ترجمة زهير العامري في مذكرات الأمير عبد الله (ص ٣٤) والمغرب (ج ٢ ص ١٩٤) والذخيرة (ق ١ ص ٦٥٦) والبيان المغرب (ج ٣ ص ١٦٨) وأعمال الأعلام (القسم الثاني ص ٢١٦).
(١٧) في الأصل : «تسعة عشر» وهو خطأ نحوي.