من (١) عام خمسة وعشرين وسبعمائة ، وناله الحجب ، واشتملت عليه الكفالة إلى أن شبّ (٢) وظهر ، وفتك بوزيره المتغلّب على ملكه ، وهو غلام لم يبقل خدّه ، فهيب شأنه ، ورهبت سطوته ، وبرز لمباشرة الميادين ، وارتياد المطارد ، واجتلاء الوجوه ، فكان ملء العيون والصدور.
ذكاؤه : حدّثني (٣) القائد أبو القاسم ابن الوزير عبد الله بن عيسى وزير جدّه ، قال : تذوكر يوما بحضرته تباين قول (٤) المتنبي (٥) : [المتقارب]
ألا (٦) خدّد الله ورد الخدود |
|
وقدّ قدود الحسان القدود |
وقول امرئ القيس (٧) : [الطويل]
وإن كنت قد ساءتك منّي خليقة |
|
فسلّي ثيابي من ثيابك تنسل (٨) |
وقول إبراهيم بن سهل (٩) : [البسيط]
إنّي له من دمي المسفوك معتذر (١٠) |
|
أقول حمّلته في (١١) سفكه تعبا |
فقال ، رحمه الله ، بديهة (١٢) : بينهما ما بين نفس ملك عربي وشاعر (١٣) ، ونفس يهودي تحت الذّمّة ، وإنما تتنفّس بقدر همّتها (١٤) ، أو كلاما هذا معناه. ولما (١٥) نازل مدينة قبرة ودخل جفنها عنوة (١٦) ، ونال قصبتها ، ورماها بالنّفط ، وتغلّب عليها ، وهي ما هي عند المسلمين ، وعند النصارى (١٧) ، من الشّهرة والجلالة ، بادرناه (١٨) نهنّئه بما
__________________
(١) كلمة «من» ساقطة في اللمحة.
(٢) في اللمحة البدرية (ص ٩١): «شدا وظهر ، وشبّ عن الطوق. وفتك ...».
(٣) في اللمحة : «حدّثني ابن وزير جدّه القائم أبو القاسم بن محمد بن عيسى قال ...».
(٤) في اللمحة : «تباين معنى قول ...».
(٥) ديوان المتنبي (ص ٤٧).
(٦) في الديوان واللمحة : «أيا».
(٧) ديوان امرئ القيس (ص ١٣) واللمحة البدرية (ص ٩١).
(٨) يقول : إذا لم تعجبك خليقتي فأخرجي أمري من أمرك. ويقال : نسل الريش : سقط.
(٩) ديوان ابن سهل الإسرائيلي (ص ١٥) واللمحة البدرية (ص ٩١).
(١٠) في الأصل : «معتذرا» والتصويب من الديوان واللمحة البدرية.
(١١) في الديوان واللمحة : «من».
(١٢) في اللمحة : «بديها» ـ على حداثته ـ : بينهم.
(١٣) في اللمحة : «وشاعر عربي».
(١٤) في اللمحة : «هممها ، أو ما معناه هذا».
(١٥) في اللمحة : «لمّا».
(١٦) في اللمحة : «ودخلها عنوة ، وهي ما هي ...».
(١٧) في اللمحة : «والنصارى».
(١٨) في اللمحة : «بادرنا».