عزمه وتحفه (١) ، ولحق في موضع اختلاله ، إلى أن صرفه عنه ، وعقد له صلحا ، ففازت به قداح الإسلام ، وتخلّصه من بين ناب العدو وظفره ؛ فكان الفتح عظيما لا كفاء له.
بعض الأحداث في دولته : وفي شهر المحرم (٢) من عام سبعة وعشرين وسبعمائة ، نشأت بين المتغلّب (٣) على دولته ، وزيره ، وبين شيخ الغزاة وأمير القبائل العدوية ، عثمان بن أبي العلاء ، الوحشة وألحقت ريحها السعايات ، فصبّت على المسلمين شؤبوب فتنة عظم فيهم أثرها (٤) معاطبا ، وسئم الانصراف عن الأندلس ، فلحق (٥) بساحل ألمريّة ، وأحوزته المذاهب وتحامت جواره الملوك ، فداخل (٦) أهل حصن أندرش ، فدخل في طاعته ، ثم استضاف (٧) إليه ما يجاوره ، فأعضل الدّاء ، وتفاقمت اللأواء ، وغامت سماء الفتنة (٨) ، واستنفد خزائن الأموال المستعدة لدفاع العدو ، واستلحق الشيخ أبو سعيد عمّ السلطان ، وقد استقرّ بتلمسان ، فلحق به ، وقام بدعوته في أخريات صفر عام (٩) سبعة وعشرين وسبعمائة ؛ واغتنم الطاغية فتنة المسلمين فنزل ثغر بيرة (١٠) ، ركاب الجهاد ، وشجى العدو ، فتغلّب عليه ، واستولى على جملة من الحصون التي تجاوره ، فاتّسع نطاق الخوف (١١) ، وأعيا داء الشّر ، وصرف إلى نظر (١٢) ملك المغرب ، في أخريات العام ، رندة ومربلّة وما يليهما (١٣) ، وتردّدت الرسائل بين السلطان وبين شيخ الغزاة ، فأجلت (١٤) الحال عن مهادنة ، ومعاودة للطاعة ، فصرف أميرهم أدراجه إلى العدوة ، وانتقلوا إلى سكنى وادي آش على رسم الخدمة والحماية على شروط مقرّرة ؛ وأوقع السلطان بوزيره ، وأعاد الشيخ إلى محلّه من حضرته ؛ أوائل عام ثمانية وعشرين بعده ، واستقدم القائد الحاجب أبا النعيم رضوان من أعاصم حباليه
__________________
(١) في اللمحة البدرية : «وتاحفه إلى أن صرفه عنه ففازت به قداح الإسلام».
(٢) في اللمحة البدرية : «محرّم».
(٣) في اللمحة البدرية : «بين وزيره المتغلّب على أمره محمد بن أحمد المحروق وبين شيخ الغزاة عثمان بن أبي العلى فصبّت ...».
(٤) في اللمحة البدرية : «أثرها فخرج مغاضبا وهمّ للانصراف ...».
(٥) في اللمحة البدرية : «ولحق».
(٦) في اللمحة البدرية : «ثم داخل».
(٧) في اللمحة البدرية : «واستضاف».
(٨) في اللمحة البدرية : «المحنة. واستلحق المذكور عمّ السلطان ...».
(٩) في اللمحة البدرية : «من عام».
(١٠) في اللمحة البدرية : «ونازل ثغر وبرة».
(١١) في اللمحة البدرية : «الضرّ».
(١٢) في اللمحة البدرية : «نظر السلطان ملك».
(١٣) في اللمحة البدرية : «إليهما».
(١٤) في اللمحة البدرية : «وأجلت الحال إلى مهادنة عثمان بن أبي العلى ، وصرف ...».