مناقبه : وأعظم مناقبه المسجد (١) الجامع بالحمراء ، على ما هو عليه ، من الظرف والتنجيد ، والتّرقيش ، وفخامة العمد ، وإحكام أتوار (٢) الفضة ، وإبداع ثراها (٣) ، ووقف عليه الحمّام بإزائه ، وأنفق فيه مال الجزية (٤) ، وأغرمها لمن يليه من الكفّار ، فدوا به (٥) زرعا ، نهد (٦) إليه صائفته لانتسافه ، وقد أهمّتهم فتنة ، فظهر بها منقبة يتيمة ، ومعلوّة فذّة ، فاق بها من تقدّمه ، ومن تأخّره من قومه.
جهاده : أغزى الجيش لأول أمره مدينة المنظر ، فاستولى عليها عنوة ، وملك (٧) من احتوت عليه المدينة ، ومن جملتهم الزّعيمة (٨) صاحبة المدينة ، من أفراد عقائل الروم ، فقدمت الحضرة في جملة السّبي (٩) ، نبيهة المركب ، ظاهرة الملبس ، رائقة (١٠) الجمال ، خصّ بها ملك المغرب ، فاتّخذها لنفسه ، وكان هذا الفتح عظيما ، والصّيت (١١) بمزايه عظيما بعيدا. أنشدني.
ما نقل عنه من الفظاظة والقسوة (١٢) :
هجم لأول أمره على طائفة من مماليك أبيه ، وكان سيّىء الرأي فيهم ، فسجنهم في مطبق الأريّ من حمرائه ، وأمسك مفتاح قفله عنده ، وتوعّد من يرمقهم بقوت بالقتل ، فمكثوا أياما ، وصارت أصواتهم تعلو بشكوى الجوع ، حتى خفتت ضعفا بعد أن اقتات آخرهم موتا من لحم من سبقه ؛ وحملت الشفقة حارسا كان برأس المطبق ، على أن طرح لهم خبزا يسيرا ، تنقص أكله ، مع مباشرة بلواهم ، ونمي إليه ذلك ، فأمر بذبحه على حافة الجبّ ، فسالت عليهم دماؤه ؛ وقانا الله مصارع السّوء ، وما زالت المقالة عنها شنيعة ، والله أعلم بجريرتهم لديه.
وزراؤه : بقي (١٣) على خطة الوزارة وزير أبيه أبو (١٤) سلطان عزيز بن علي بن عبد المنعم الداني ، الجاري ذكره بحول الله في محلّه ، متبرّما ، بحياته [إلى أن توفي ،
__________________
(١) في اللمحة البدرية : «ابتناء المسجد الأعظم بالحمراء من غرناطة».
(٢) الأتوار : الأواني.
(٣) في اللمحة البدرية (ص ٦٣): «ثرياتها».
(٤) في اللمحة البدرية : «جزية أغرمها من يليه ...».
(٥) في اللمحة البدرية : «بها».
(٦) في اللمحة البدرية : «جهز جيشا صائفة ...». والصائفة : قوات الجيش التي تخرج صيفا للغزو.
(٧) في اللمحة البدرية : «وتملك من اشتملت عليه ، ومن ...».
(٨) في اللمحة البدرية : «العلجة».
(٩) في اللمحة البدرية : «من السّبي».
(١٠) في اللمحة البدرية : «رائعة».
(١١) في اللمحة البدرية : «والصيت لأجله بعيدا».
(١٢) هذه القطعة ساقطة في اللمحة البدرية.
(١٣) في اللمحة البدرية : «أبقى».
(١٤) في اللمحة البدرية : «وهو الشيخ الوزير أبو سلطان».