بالحمراء ، يسألون عن الحادثة ، فشغلوا بانتهاب (١) دار الوزير ، وبها من مال الله ما يفوت الوصف ، وكان الفجع في إضاعته على المسلمين ، وإطلاق الأيدي الخبيثة عليه عظيما. وفي آخر اليوم عند الفراغ من الأمر ، دخل (٢) على السلطان المخلوع ، الشهداء عليه بخلعه ، بعد نقله من دار ملكه إلى دار أخرى ، فأملى ، رحمه الله ، زعموا ، وثيقة خلعه ، مع شغب الفكر ، وعظم الداهية ، وانتقل ، رحمه الله ، بعد ، إلى القصر المنسوب إلى السيد بخارج الحضرة ؛ أقام به يسيرا ، ثم نقل إلى مدينة المنكّب. وكان من أمره ما يذكر إن شاء الله.
[ومما يؤثر من ظرفه ؛ حدّث من كان منوطا به من خاصّته ، مدة أيام إقامته بقصر نجد ، قبل خلعه ، قال : أرسل الله الأغربة على سقف القصر ، وكان شديد التطيّر والقلق لذلك حسبما تقدّم من الإشارة إلى ذلك بحديث العشر ؛ وكان من جملتها غراب ، شديد الإلحاح ، حادّ النّعيب والصياح ، فأغرى به الرّماة من مماليكه بأنواع القسيّ ؛ فأبادوا من الغربان أمّة ؛ وتخطّأ الحتف ذلك الغراب الخبيث العبقان ؛ فلمّا انتقل إلى سكنى الحمراء ظهر ذلك الغراب على سقفه ؛ ثم لما أهبط مخلوعا إلى قصر شنيل تبعه ، وقام في بعض السّقف أمامه ، فقال يخاطبه رحمه الله : يا مشؤوم ، يا محروم بين الغربان ، قد خلّصت أمرنا ، ولم يبق لك علينا طلب ، ولا بيننا وبينك كلام ؛ ارجع إلى هؤلاء المحارم فاشتغل بهم ؛ قال : فأضحكنا على حال الكآبة بعذوبة منطقه ، وخفّة روحه](٣).
وفاته : قد تقدّم ذكر استقراره بالمنكّب. وفي أخريات شهر جمادى الآخرة عام (٤) عشرة وسبعمائة ، أصابت السلطان نصرا (٥) سكتة ، توقّع منها موته ، بل شكّ في حياته ؛ فوقع التفاوض الذي تمخّض إلى (٦) التوجيه عن السلطان المخلوع الذي بالمنكّب ليعود إلى (٧) الأمر ، فكان ذلك ، وأسرع إلى إيصاله (٨) إلى غرناطة في محفّة ، فكان حلوله بها في رجب (٩) من العام المذكور. وكان من قدر الله ، أن أفاق
__________________
(١) في اللمحة البدرية : «بأنهاب دور الوزير الكائنة بالربض وبها ...».
(٢) في اللمحة : «أدخل على السلطان قوم من الفقهاء أشهدهم بخلع نفسه ، ونقل إلى القصر المنسوب إلى السيد ...».
(٣) ما بين قوسين ساقط في اللمحة البدرية.
(٤) في اللمحة البدرية : «من عام».
(٥) كلمة «نصرا» ساقطة في اللمحة البدرية.
(٦) في اللمحة البدرية : «عن».
(٧) في اللمحة البدرية : «له».
(٨) في اللمحة البدرية : «وأسرع به إلى».
(٩) في اللمحة البدرية (ص ٦٨): «في غرّة شهر رجب».