وطيب الماء ، والوصول إلى أفلاذ (١) الكفر ، والاطّلاع على عوراته ، بحيث شهر. فكان تيسّر (٢) فتحها من غرائب الوجود ، وشواهد اللّطف ، وذلك في صلاة الظهر من يوم الأحد الثامن لشهر شوّال عام تسعة وتسعين وستمائة ؛ وأسكن بها رابطة المسلمين (٣) ، وباشر العمل في خندقها بيده ، رحمه الله ، [فتساقط الناس ، من ظهور دوابّهم إلى العمل ، فتمّ ما أريد منه سريعا.
وأنشدني شيخنا أبو الحسن الجيّاب يهنّئه بهذا الفتح : [الطويل]
عدوّك مقهور وحزبك غالب |
|
وأمرك منصور وسهمك صائب |
وشخصك مهما لاح للخلق أذعنت |
|
لهيبته عجم الورى والأعارب |
وهي طويلة](٤).
من كان على عهده من الملوك :
كان على عهده بالمغرب ، السلطان الجليل ، أبو يوسف يعقوب بن عبد الحق ، الملقّب بالمنصور ؛ وكان ملكا صالحا ، ظاهر السذاجة ، سليم الصدر ، مخفوض الجناح ، شارعا أبواب الدّالّة عليه منهم ؛ أشبه بالشيوخ منه بالملوك ، في إخمال (٥) اللّفظ ، والإغضاء عن الجفوة ، والنداء بالكنية. وهو الذي استولى على ملك الموحّدين ، واجتثّ شجرتهم من فوق الأرض ، وورث سلطانهم ، واجتاز إلى الأندلس ، كما تقدّم مرّات ثلاثا (٦) أو أزيد منها ، وغزا العدوّ ، وجرت بينه وبين السلطان المترجم به أمور ، من سلم ومناقضة (٧) ، وإعتاب ، وعتب ، [حسبما تدلّ على ذلك القصائد الشّهيرة المتداولة ؛ وأولها ما كتب به على عهده ، الفقيه الكاتب الصّدر ، أبو عمرو بن المرابط ، في غرض استنفاد للجهاد : [السريع]
هل من معيني في الهوى أو منجدي |
|
من متهم في الأرض أو منجد؟] |
(٨) وتوفي السلطان المذكور بالجزيرة الخضراء في عنفوان وحشة بينه وبين هذا السلطان في محرم (٩) خمسة وثمانين وستمائة ؛ وولي بعده
__________________
(١) في اللمحة البدرية : «أفلاذ فؤاد الكفر».
(٢) في اللمحة البدرية : «تيسير».
(٣) في اللمحة : «من المسلمين».
(٤) ما بين قوسين ساقط في اللمحة البدرية.
(٥) في اللمحة البدرية (ص ٥٥): «في احتمال اللغط».
(٦) في الأصل : «ثلاث» وهو خطأ نحوي.
(٧) في اللمحة البدرية : «ومناصبة وعتب وإعتاب».
(٨) ما بين القوسين ساقط في اللمحة البدرية.
(٩) في اللمحة البدرية (ص ٥٥): «محرم من عام ...».