واستدعي سلطان المغرب إلى الجواز ؛ ولحق به السلطان المترجم به ؛ وجمع مجلسه بين المنتزين عليه وبينه ؛ وأجلت الحال عن وحشة. وقضيت الغزاة ؛ وآب السلطان إلى مستقرّه.
وفي العام بعده ، كان (١) إيقاع السلطان ملك المغرب بالزعيم «ذنّونه» ، واستئصال شأفته ، وحصد شوكته. ثم عبر البحر ثانية بعد رجوعه إلى العدوة ؛ واحتلّ بمدينة طريف في أوائل ربيع الأول عام سبعة وسبعين وستمائة ؛ ونازل إشبيلية ؛ وكان اجتماع السلطانين بظاهر قرطبة ؛ فاتصلت اليد ؛ وصلحت الضمائر ؛ ثم لم تلبث الحال أن استحالت إلى فساد ، فاستولى ملك المغرب على مالقة ، بخروج المنتزي بها إليه ، يوم (٢) الأربعاء التاسع والعشرين لرمضان عام سبعة وسبعين (٣) وستمائة. ثم رجعت إلى ملك (٤) الأندلس بمداخلة من كانت بيده ولنظره ، حسبما يأتي بعد إن شاء الله.
وعلى عهده نازل طاغية الروم الجزيرة (٥) الخضراء ، وأخذ بمخنّقها ، وأشرف على افتتاحها ، فدافع (٦) الله عنها ، ونفّس حصارها (٧) ، وأجاز الرّوم بحرها على يد الفئة القليلة من المسلمين ، فعظم المنح (٨) ، وأسفر الليل ، وانجلت الشّدة ، في وسط ربيع (٩) الأول من عام ثمانية وسبعين وستمائة (١٠).
مولده : بغرناطة عام ثلاثة وثلاثين وستمائة. وأيام دولته ثلاثون سنة وشهر واحد ، وستة أيام.
وفاته : من كتاب «طرفة العصر» من تأليفنا في التاريخ ، قال : واستمرّت الحال إلى أحد وسبعمائة ، فكانت في ليلة الأحد الثامن من شهر شعبان في صلاة العصر ، وكان السلطان ، رحمه الله في مصلّاه ، متوجّها إلى القبلة لأداء فريضته ، على أتمّ ما يكون عليه المسلم من الخشية والتأهّب ، زعموا أن شرقا كان يعتاده لمادة كانت تنزل من دماغه ، وقد رجمت الظنون في غير ذلك لتناوله عشيّة يومه كعكا اتخذت له بدار
__________________
(١) في اللمحة البدرية : «كانت الوقيعة بالزعيم الكبير من زعماء الروم المسمى ذنونه ...».
(٢) في الأصل : «إلى يوم» والتصويب من اللمحة البدرية (ص ٥٨).
(٣) في اللمحة البدرية : «وتسعين».
(٤) في اللمحة البدرية : «ملكة السلطان بمداخلة من كانت لنظره إياه».
(٥) كلمة «الجزيرة» ساقطة في اللمحة البدرية.
(٦) في اللمحة البدرية : «فدفع».
(٧) في اللمحة البدرية : «حصرها وأحان أجفان الروم لبحرها وعلى أيدي الفئة ...».
(٨) في اللمحة البدرية : «الفتح».
(٩) في اللمحة البدرية : «شهر ربيع ...».
(١٠) في الأصل : «ثمانية وسبعة وسبعين وستمائة» ، والتصويب من اللمحة البدرية.