بأولادهم (١) ، معوّلين في ذلك على شهامتهم وأسلحتهم ، وعلى كثب دورهم (٢) ، واتّصال أمصارهم بحدود أرضه. وحليهم في القلائد ، والدّمالج ، والشّنوف (٣) ، والخلاخل الذّهب الخالص ، إلى هذا العهد ، في أولي (٤) الجدّة ؛ واللجين في كثير من آلات الرّجلين ، فيمن عداهم. والأحجار النفيسة من الياقوت ، والزّبرجد والزّمرّد ونفيس الجوهر ، كثير ممّن (٥) ترتفع طبقاتهم المستندة إلى ظلّ دولة ، أو أصالة (٦) معروفة موفّرة.
وحريمهم ، حريم جميل ، موصوف بالسحر (٧) ، وتنعّم الجسوم ، واسترسال الشّعور ، ونقاء الثّغور ، وطيب النّشر (٨) ، وخفّة الحركات ، ونبل الكلام ، وحسن المحاورة ، إلّا أن الطّول يندر فيهنّ. وقد بلغن من التّفنّن في الزينة لهذا العهد ، والمظاهرة بين المصبغات ، والتّنفيس (٩) بالذّهبيّات والدّيباجيّات ، والتّماجن في أشكال الحلي ، إلى غاية نسأل الله أن يغضّ عنهنّ فيها ، عين الدهر ، ويكفكف الخطب ، ولا يجعلها من قبيل الابتلاء والفتنة ، وأن يعامل جميع من بها بستره ، ولا يسلبهم خفيّ لطفه ؛ بعزّته وقدرته.
فصل
فيمن تداول هذه المدينة
من لدن أصبحت دار إمارة باختصار واقتصار
قال المؤلّف (١٠) : أول من سكن هذه المدينة سكنى استبداد ، وصيّرها دار ملكه ومقرّ أمره ، الحاجب المنصور أبو مثنّى زاوي بن زيري (١١) بن مناد ، لمّا تغلّب جيش البربر مع أميرهم سليمان بن الحكم على قرطبة ، واستولى على كثير من كور الأندلس عام ثلاثة وأربعمائة فما بعدها ، وظهر على طوائف الأندلس ، واشتهر أمره ، وبعد صيته. ثم اجتاز البحر إلى بلد قومه بإفريقية ، بعد أن ملك غرناطة سبع سنين ، واستخلف ابن أخيه حبّوس بن ماكسن ، وكان حازما داهية ، فتوسّع النظر إلى أن مات
__________________
ـ البلدان (ج ٥ ص ٢٣٦). وانظر أيضا دراسة مستفيضة عنه في كتاب : مملكة غرناطة في عهد بني زيري البربر (ص ٤١).
(١) في اللمحة : «بأولادهم وعيالهم».
(٢) في اللمحة : «على كثب عدوّهم».
(٣) في اللمحة : «والخلاخيل والشنوف».
(٤) في اللمحة : «ألي».
(٥) في اللمحة : «فيمن ترفّع من طبقاتهم».
(٦) في اللمحة : «أو أعرق أصالة موفورة».
(٧) في اللمحة : «باعتدال السّمن».
(٨) في اللمحة : «الشذا».
(٩) في اللمحة : «والتنافس في الذهبيّات».
(١٠) قارن باللمحة البدرية (ص ٣١).
(١١) ستأتي ترجمة زاوي بن زيري في هذا الجزء.