معروف النّزاهة ، أعانه ذلك وسوّده ، وبلغ به رتبة سلفه. وجرى ذكره في كتاب التّاج بما نصّه :
«فاضل تحلّى بالسكينة والوقار ، فمدّت إليه رقاب سلفه يد الافتقار ، ما شئت من هدوء وسكون ، وجنوح إلى الخير وركون ، عني بالمحافظة على سمته من لدن عقل ، ولزم خدمة العلم فما عاد ولا انتقل ، ووجد من أبيه رحمه الله مرعى خصيبا فابتقل ، وعمل على شاكلة سلفه في سلامة الجانب ، وفضل المذاهب ، وتحلّى بتلك المآثر وتوشّح ، وتأهّل إلى الرّتب في سنّن الشّبيبة وترشّح ؛ وله مع ذلك في لجّة الفقه سبح ، وعلى بعض موضوعات أبيه شرح ؛ وأدبه ساطع ، وكلامه حسن المقاطع. فمن ذلك ما كتب به إليّ ، وقد خاطبت ما أمكن من نظمه (١) : [المتقارب]
فديتك يا سيّدي مثلما |
|
فداك الزمان الذي زنته |
وقوله في المقطوعات من ذلك في معنى التورية (٢) : [الخفيف]
كم بكائي لبعدكم وأنيني (٣) |
|
من ظهيري على الأسى من معيني |
جرّح (٤) الخدّ دمع عيني ولكن |
|
عجب (٥) أن يجرّح ابن معين |
وقال في الغنى (٦) : [الطويل]
أرى الناس يولون الغنيّ كرامة |
|
وإن لم يكن أهلا لرفعة مقدار |
ويلوون عن وجه الفقير وجوههم |
|
وإن كان أهلا أن يلاقى بإكبار |
بنو الدّهر جاءتهم أحاديث جمّة |
|
فما صحّحوا إلّا حديث ابن دينار (٧) |
ومن بديع ما صدر عنه ، قوله ينسج على منوال امرئ القيس في قصيدته الشهيرة (٨) :[الطويل]
أقول لحزمي (٩) أو لصالح أعمالي |
|
(ألا عم صباحا أيها الطّلل البالي) |
__________________
(١) البيت ، ضمن أربعة أبيات ، في الكتيبة الكامنة (ص ١٤٢).
(٢) البيتان في الكتيبة الكامنة (ص ١٤٣).
(٣) في الكتيبة الكامنة : «كم أنيني».
(٤) في الأصل : «جراح» وهكذا ينكسر الوزن ، والتصويب من الكتيبة الكامنة.
(٥) في الكتيبة : «لا عجيب إن ...».
(٦) الأبيات في الكتيبة الكامنة (ص ١٤٣) ، ونفح الطيب (ج ٨ ص ٦١ ـ ٦٢) ، وأزهار الرياض (ج ٣ ص ١٨٨).
(٧) المراد حبّ الناس للمال.
(٨) الأبيات في الكتيبة الكامنة (ص ١٣٩ ـ ١٤٢) ، ونفح الطيب (ج ٨ ص ٦٢ ـ ٦٤) وورد منها فقط بيتان في أزهار الرياض (ج ٣ ص ١٨٢).
(٩) في النفح وأزهار الرياض : «لعزمي».