أحمد بن محمد بن أحمد بن قعنب الأزدي
يكنى أبا جعفر ، ويعرف بابن قعنب.
أوّليّته : ذكر الأستاذ ابن الزّبير في «صلته» وغيره ، أن قوما بغرناطة يعرفون بهذه المعرفة ، فإن كان منهم ، فله أوّليّة لا بأس بها.
حاله : كان من شيوخ كتّاب الشّروط معرفة بالمسائل ، واضطلاعا بالأحكام ، وانفرد بصحّة الوثيقة ، باقعة (١) من بواقع زمانه ، وعيّابة (٢) في مشايخ قطره ، يألف النّادرة الحارّة في ملاء من النّوك والغفلة ، فلا يهتزّ لموقع نادرة ، ولا يضحك عقب عقد صرعة ، لقلقه غير ما مرة ، غير مجلس من مجالس القضاء من بني مسعود المزراة أحكامهم ، المرميّة بتهكّمه وإزرائه ، فتقتّع (٣) في طريق حكمهم خطى منفسحة ، غير مكترث بهوانه ، ولا غاصّ بلسانه. وربما قال لبعض الوزعة (٤) من قادته بمحبسه ، وقد توقّفوا به في بعض الطريق ، توقّعا لسكون غضب قاضيهم ، ابعثوا بعضهم إلى هذا المحروم ، لنرى ما عزم عليه ، بكلام كثير الفتور والاستكانة ، له في هذا الباب شهرة.
ذكر بعض نزعاته : حدّثني ملازمه ، وقف عليه ، أبو القاسم بن الشيخ الرئيس أبي الحسن بن الجيّاب ، وقد أعمل والده ، رحلة إلى مالقة لزيارة شيخه الذي تلمذ له ، وشهر بالتشيّع فيه ، أبي عبد الله السّاحلي ، صاحب الأتباع والطريقة ، وكان مفرط الغلوّ فيه ، واستصحب ولده الصغير ، فسأله عن سفر أبيه وسعيه ، فقال : نعم ، واحتمل أخي ، فقال : أظنه منذر ولد كان غير مغتطس ، فحمله الشيخ ، فغطّسه ، واستغرب كلّ من حضر ضحكا ، فلم يبتسم هو كأنه لا شعور عنده بما ذهب إليه ، فكانت إحدى الطّوام عند الشيخ.
وحدّثني ، قال : جاءت امرأة تخاصم ميّارا (٥) ، أوصلها من بعض المدن ، في أمر نشأ بينهما ، وبيده عقد ، فقال بعض جيرانه ، من نصّه حاكيا : «وأنه جامعها من موضع كذا إلى كذا» ولم يرسم المدّ على ألف «جا» ، فقال الشيخ للمرأة : أتعرفين أن هذا الميّار جامعك في الطريق أي فعل بك ، فقالت : معاذ الله ، ونفرت من ذلك ،
__________________
(١) الباقعة : الشديد الدهاء والذكي العارف لا يفوته شيء. لسان العرب (بقع).
(٢) العيّابة : الكثير العيب للناس. لسان العرب (عيب).
(٣) تقتّع : ذلّ. لسان العرب (قتع).
(٤) الوزعة : جمع وازع وهو الذي يدبّر أمور الجيش. لسان العرب (وزع).
(٥) الميار : الذي يجمع الميرة. لسان العرب (مير).