وانتقل سلفه إلى مالقة ، فتوشّجت لهم بها عروق ، وصاهروا إلى بيوتات نبيهة.
حاله : كان من أهل الخير ، وكان على طريقة مثلى من الصّمت ، والسّمت ، والانقباض ، والذكاء ، والعدالة والتخصّص ، محوّلا في الخير ، ظاهر المروءة ، معروف الأصالة ، خالص الطّعمة ، كثير العفّة ، مشهور الوقار والعفاف ، تحرّف بصناعة التوثيق على انقباض.
دخوله غرناطة : تقدّم قاضيا بغرناطة ، بعد ولاية القضاء ببلده ، وانتقل إليها ، وقام بالرّسم المضاف إلى ذلك ، وهو الإمامة بالمسجد الأعظم منها ، والخطابة بجامع قلعتها الحمراء ؛ واستقلّ بذلك إلى تاسع جمادى الثانية من عام أحد وأربعين وسبعمائة ، على قصور في المعارف ، وضعف في الأداة ، وكلال في الجدّ ، ولذلك يقول شيخنا أبو البركات بن الحاج (١) :[الرمل]
إنّ تقديم ابن برطال دعا |
|
طالب (٢) العلم إلى ترك الطّلب |
حسبوا الأشياء عن (٣) أسبابها |
|
فإذا الأشياء عن غير سبب |
إلّا أنه أعانته (٤) الدربة والحنكة على تنفيذ الأحكام ، فلم تؤثر عنه فيها أحدوثة ، واستظهر بجزالة أمضت حكمه ، وانقباض عافاه عن الهوادة ، فرضيت سيرته ، واستقامت طريقته.
مشيخته : لقي والده ، شيخ القضاة ، وبقيّة المحدّثين ، وله الرواية العالية ، والدرجة الرفيعة ، حسبما يأتي في اسمه ، ولم يؤخذ عنه شيء فيما أعلم.
شعره : أنشدني الوزير أبو بكر بن ذي الوزارتين أبي عبد الله بن الحكيم ، قال : أنشدني القاضي أبو جعفر بن برطال لنفسه ، مودّعا في بعض الأسفار (٥) : [الكامل]
أستودع اللهمّ (٦) من لوداعهم |
|
قلبي وروحي إذ دنى لوداعي (٧) |
__________________
(١) البيتان في تاريخ قضاة الأندلس (ص ١٨٥) ، والكتيبة الكامنة (ص ١٢٦).
(٢) في المصدرين السابقين : «طالبي».
(٣) في الكتيبة الكامنة : «من».
(٤) في الأصل : «أعانه». وفي تاريخ قضاة الأندلس : «فأعنته».
(٥) البيتان الأول والثاني في الكتيبة الكامنة (ص ١٢٦).
(٦) في الأصل : «الله» وهكذا ينكسر الوزن. وفي الكتيبة الكامنة : «الرحمن».
(٧) في الأصل : «دنى الوداع» وهكذا ينكسر الوزن. وفي الكتيبة الكامنة : «قلبي وصبري آذنا بوداع.