بمالقة ما أحوج ما كان إليه ، وقد استقبل الكبرة (١) ، ونازعه سوء الحظّ. قال الشيخ أبو الحسن الرّعيني : إنه كتب إليه يعلمه بهذه الحادثة عليه ، وأن المنهوب من ماله يعدل أربعة آلاف دينار عشرية ، وكان ورقا وعينا وحليّا وذلك أنه لمّا قتل المعتضد ، اغتنم الفطرة ، وفصل عن مكناسة ، قاصدا سبته ، فلقي الرفقة التي كان فيها جمع من بني مرين ، سلبوه وكلّ من كان معه.
مولده : بجزيرة شقر (٢) ، وقيل ببلنسية ، في رمضان اثنتين وثمانين وخمسمائة.
وفاته : توفي بتونس ليلة الجمعة الموفية عشرين ذي الحجة عام ستة وخمسين وستمائة (٣). قال ابن عبد الملك (٤) : ووهم ابن الزبير في وفاته ، إذ جعلها في حدود الخمسين وستمائة أو بعدها.
أحمد بن عبد الحق بن محمد بن يحيى
ابن عبد الحق الجدلي (٥)
من أهل مالقة ، يكنى أبا جعفر ، ويعرف بابن عبد الحق.
حاله : من (٦) صدور أهل العلم والتفنّن في هذا الصّقع الأندلسي ، نسيج وحده في الوقار والحصافة ، والتزام مثلى الطريقة ، جمّ التّحصيل ، سديد النظر ، كثير التخصّص ، محافظ على الرسم ، مقبوض العنان في التّطفيف في إيجاب الحقوق لأهلها ، قريب من الاعتدال في معاملة أبناء جنسه ، مقتصد مع ثروته ، مؤثر للترتيب في كافّة أمره ، متوقّد الفكرة مع سكون ، ليّن العريكة مع مضاء ؛ مجموع خصال حميدة مما يفيد التجريب والحنكة ؛ مضطلع بصناعة العربية ، حائز قصب السّبق فيها ، عارف بالفروع والأحكام ، مشارك في فنون من أصول ، وطبّ ، وأدب ، قائم على
__________________
(١) الكبرة : كبر السّنّ. لسان العرب (كبر).
(٢) شقر : بالإسبانيةJucar ، وهي جزيرة بالأندلس قريبة من شاطبة ، كثيرة الأشجار والأنهار. الروض المعطار (ص ٣٤٩) ونزهة المشتاق (ص ٥٥٦) ، ورسمها ابن صاحب الصلاة في تأريخ المنّ بالإمامة (ص ٤٣٠) هكذا : «شوقر».
(٣) في الذيل والتكملة (ج ١ ص ١٨٠): «الحجة ثمان وخمسين وستمائة» ، وفي بغية الوعاة (ص ١٣٨): «رابع ذي الحجة سنة ثمان وخمسين وستمائة».
(٤) الذيل والتكملة (ج ١ ص ١٨٠).
(٥) في الأصل : «الجذلي» بالذال المعجمة ، والتصويب من الكتيبة الكامنة (ص ١٢٣) وبغية الوعاة (ص ١٣٨) حيث ترجمته.
(٦) قارن ببغية الوعاة (ص ١٣٨ ـ ١٣٩).