عبد المؤمن بن علي ؛ فحمدت سيرته ، وشكر عدله ، وظهرت نزاهته ، ودام بها حتى ظنّ من أهلها.
شعره : وشعره في طريقة الزهد ، وهي لا ينفذ فيها إلّا من قويت عارضته ، وتوفّرت مادّته (١) : [الطويل]
إلهي لك الملك العظيم حقيقة |
|
وما للورى مهما منعت نقير |
تجافى بنو الدنيا مكاني فسرّني |
|
وما قدر مخلوق جداه حقير |
وقالوا فقير وهو (٢) عندي جلالة |
|
نعم صدقوا إني إليك فقير |
وشعره في هذا المعنى كثير ، وكله سلس المقادة ، دالّا على جودة الطبع. ومن شعره قوله (٣) : [الكامل]
أرض العدو بظاهر متصنّع |
|
إن كنت مضطرّا إلى استرضائه (٤) |
كم من فتى ألقى بوجه (٥) باسم |
|
وجوانحي تنقدّ (٦) من بغضائه |
تصانيفه : له (٧) تصانيف مفيدة تدلّ على إدراكه وإشرافه ، كشرحه «الشّهاب» ، فإنه أبدع فيه ، وكتابه «أنوار الأفكار ، فيمن دخل جزيرة الأندلس من الزّهّاد والأبرار» ، ابتدأ تأليفه ، وتوفي دون إتمام غرضه فيه ، فكمّله عبد الله ابنه.
محنته : كان ممّن وقعت عليه المحنة العظمى بمرّاكش يوم دخول الموحّدين إياها ، يوم السبت لاثنتي عشرة ليلة بقيت من شوّال عام أحد (٨) وأربعين وخمسمائة ، على الوجه المشهور في استباحة دماء كل من اشتملت عليه من الذّكور البالغين ؛ إلّا من تسترّ بالاختفاء في سرب أو غرفة أو مخبأ. وتمادى القتل فيها ثلاثة أيام ، ثم نودي بالعفو عمّن أشارته الفتكة الكبرى ، فظهر من جميع الخلق بها ، ما يناهز السبعين رجلا ، وبيعوا بيع أسارى المشركين ، هم وذراريهم ، وعفي عنهم ، فكان أبو العباس ممّن تخطّته المنيّة ، واستنقذه من الرّقّ العفو ، وحسبك بها محنة ، نفعه الله ، وضاعت له في ذلك وفي غيره كتب كثيرة بخطّه وبغير خطّه ، مما تجلّ عن القيمة.
__________________
(١) الأبيات في الذيل والتكملة (ج ١ ص ٢٣٠).
(٢) في الأصل : «وهم» وهكذا ينكسر الوزن ، والتصويب من الذيل والتكملة.
(٣) البيتان في التكملة (ج ١ ص ٧٠) ، والمقتضب من كتاب تحفة القادم (ص ١٠٢) ، والذيل والتكملة (ج ١ ص ٢٣٠) ، ونفح الطيب (ج ٦ ص ٩١).
(٤) في الذيل والتكملة : «إلى إرضائه».
(٥) في الذيل والتكملة : «بثغر».
(٦) في الأصل : «تتّقد» ، وكذا ينكسر الوزن ، والتصويب من المصادر.
(٧) قارن بالذيل والتكملة (ج ١ ص ٢٣٠).
(٨) في الأصل : «إحدى» وهو خطأ نحوي.