مولده : بألمريّة في أواخر شهر ربيع سنة اثنتين (١) وخمسمائة.
وفاته : توفي بمرّاكش بين صلاة الظهر والعصر ، في يوم الأحد لثمان خلون من جمادى الأولى سنة تسع وخمسين وخمسمائة (٢). ودفن يوم الاثنين بعده عقب صلاة الظهر ، وصلّى عليه القاضي أبو يوسف حجاج ؛ وكانت جنازته عظيمة المحفل ، كثيرة الجمع ؛ برز إليها الرجال والنساء ورفعوا نعشه على الأيدي ، رحمه الله.
ومما رثاه به جاره وصديقه أبو بكر بن الطفيل (٣) ، وهو بإشبيلية ، بعث بها إلى ابنه مع كتاب في غرض العزاء (٤) : [الوافر]
لأمر ما تغيّرت الدّهور |
|
وأظلمت الكواكب والبدور |
وطال على العيون الليل حتى (٥) |
|
كأنّ النّجم فيه لا يغور |
أحمد بن أبي القاسم بن عبد الرحمن
يعرف بابن القبّاب ، من أهل فاس ، ويكنى أبا العباس.
حاله : هذا الرجل ، صدر عدول (٦) الحضرة الفاسيّة ، وناهض عشّهم ، طالب ، فقيه ، نبيه ، مدرك ، جيّد النظر ، سديد الفهم ؛ حضر الدرس بين يدي السلطان ، وولّي القضاء بجبل الفتح (٧) ، متّصفا فيه بجزالة وانتهاض. تعرّفت به بمدينة فاس ، فأعجبتني سيمته ؛ ووصل مدينة سلا في غرض اختبار واستطلاع الأحوال السلطانية ؛ واستدعيته فاعتذر ببعض ما يقبل ، فخاطبته بقولي (٨) : [الوافر]
أبيتم دعوتي إمّا لشأو (٩) |
|
وتأبى لومه مثلى الطريقه |
__________________
(١) في الأصل : «اثنين» وهو خطأ نحوي. وفي التكملة (ج ١ ص ٧٠) ، والذيل والتكملة (ج ١ ص ٢٣١) : ولد سنة ٤٩٢ ه.
(٢) في المقتضب (ص ١٠٢) ، والتكملة (ج ١ ص ٧٠) ، والذيل والتكملة (ج ١ ص ٢٣١) : توفي سنة ٥٦٩ ه.
(٣) هو محمد بن عبد الملك بن محمد بن محمد بن طفيل القيسي ، أحد فلاسفة المسلمين. توفي بمراكش سنة ٥٨١ ه. ترجمته في المعجب (ص ٣١١) ، والمقتضب من كتاب تحفة القادم (ص ١٢٥) ، وعيون الأنباء في طبقات الأطباء (ص ٥٣٠) في ترجمة أبي الوليد بن رشد. وسيترجم له ابن الخطيب في الجزء الثاني من الإحاطة.
(٤) البيتان في الذيل والتكملة (ج ١ ص ٢٣١).
(٥) في الذيل والتكملة : «... على نجيّ الهمّ ليل».
(٦) العدول : جمع عدل وهو الذي لا يميل به الهوى فيجور في الحكم ، لسان العرب (عدل).
(٧) جبل الفتح : هو جبل طارق.
(٨) الأبيات في نفح الطيب (ج ٨ ص ٤١٣).
(٩) في النفح : «لبأو».