الثمانين ، ولا لحقته سآمة ، كثير الخشوع والخشية ، مسترسل العبرة ، صليبا في الحق ، شديدا على أهل البدع ، ملازما للسّنّة ، جزلا ، مهيبا ، معظّما عند الخاصّة والعامّة ، عذب الفكاهة ، طيّب المجالسة ، حلو النّادرة ، يؤثر عنه في ذلك حكايات ، لا تخلّ بوقار ، وتحلّ بجلال منصب.
فنونه : إليه انتهت الرّياسة بالأندلس في صناعة العربية ، وتجويد القرآن ، ورواية الحديث ، إلى المشاركة في الفقه ، والقيام على التّفسير ، والخوض في الأصلين.
مشيخته : أخذ عن الجلّة المقرئين ، كالمقرئ أبي عبد الله محمد بن إبراهيم بن مستقور (١) الغرناطي الطائي.
نباهته وخططه : ولّي قضاء المناكح ، والخطبة بالحضرة ، وبلغ من الشّهرة والإشادة بذكره ، ما لم يبلغه سواه.
تصانيفه : من تأليفه كتاب «صلة الصّلة» لابن بشكوال ، التي وصلتها بعده ، وسمّيت كتابي ب «عائد الصلة» ، وافتتحت أول الأسماء فيه باسمه ؛ وكتاب «ملاك التأويل ، في المتشابه اللفظ في التّنزيل» غريب في معناه ؛ والبرهان في ترتيب سور القرآن ؛ وشرح الإشارة للباجي في الأصول ؛ وسبيل الرّشاد في فضل الجهاد ؛ وردع الجاهل عن اغتياب المجاهل ، في الرد على الشّودية (٢) ، وهو كتاب جليل ينبئ عن التفنّن والاضطلاع ؛ وكتاب الزمان والمكان ، وهو وصمة ، تجاوز الله عنه.
شعره : وشعره مختلف عن نمط الإجادة ، مما حقّه أن يثبت أو ثبت في كتاب شيخنا أبي البركات المسمّى «شعر من لا شعر له» مما رواه ، ممّن ليس الشعر له بضاعة ، من الأشياخ الذي عدّ صدر عنهم هو. فمن شعره (٣) : [السريع]
ما لي وللتسئال لا أمّ لي |
|
سألت (٤) من يعزل أو من يلي |
حسبي ذنوب (٥) أثقلت كاهلي |
|
ما إن أرى إظلامها (٦) ينجلي |
__________________
(١) كان ابن مستقور خطيبا بليغا ، كاتبا ناظما ناثرا ، بصيرا بعقود الشروط ، سابقا في علم الفرائض. استمر قضاؤه مع الخطابة بحضرة غرناطة إلى أول الدولة الإسماعيلية. تاريخ قضاة الأندلس (ص ١٧٥).
(٢) الشودية : فرقة من فرق الصوفية في المغرب.
(٣) البيتان الأول والثاني في بغية الوعاة (ص ١٢٧).
(٤) في الأصل : «إن سألت» وكذا ينكسر الوزن ، لذلك اقتضى حذف «إن». وفي بغية الوعاة : «إن سلت».
(٥) في بغية الوعاة : «ذنوبي».
(٦) في المصدر نفسه : «غماءها».