أطلّ (١) على أرض الجزيرة سعدها |
|
وجدّد فيها ذلك الخبر الخبر (٢) |
فما طارق إلّا لذلك مطرق |
|
ولا ابن نصير لم يكن ذلك النّصر |
هما مهّداها كي تحلّ بأفقها |
|
كما حلّ عند التّمّ بالهالة البدر |
قال : فلمّا أتمّها أثنى عليه الخليفة ، وقال لعبد الملك أبيه : أيّهما خير عندك في ابنيك ؛ فقال يا سيّدنا : محمد دخل إليكم مع أبطال الأندلس وقوّادها ، وهذ مع الشعر ، فانظروا ما يجب أن يكون خيرا عندي ، فقال الخليفة : كلّ ميسّر لما خلق له ، وإذا كان الإنسان متقدّما في صناعة فلا يؤسف عليه ، إنما يؤسف على متأخّر القدر ، محروم الحظ. ثم أنشد فحول الشعراء والأكابر. ثم لمّا ولّي غرناطة ولده السيد أبو سعيد ، استوزر أبا جعفر المذكور ، واتصلت حظوته إلى أن كان ما يذكر من نكبته.
محنته : قال قريبه وغيره : فسد ما ببنه وبين السيد أبي سعيد لأجل حفصة الشاعرة ، إذ كانت محلّ هواه ، ثم اتصلت بالسيّد ، وكان له بها علاقة ، فكان كلّ منهما على مثل الرّضف (٣) للآخر ، ووجد حسّاده السبيل ، إلى إغراء السيّد به ، فكان مما نمي به عنه ، أن قال لحفصة يوما : وما هذا الغرام الشديد به ، يعني السيد ، وكان شديد الأدمة (٤) ، وأنا أقدر أن أشتري لك من المعرض أسودا خيرا منه بعشرين دينارا ؛ فجعل السيد يتوسّد له المهالك ، وأبو جعفر يتحفّظ كل التحفّظ. وفي حالته تلك يقول : [الكامل]
من يشتري مني الحياة وطيبها |
|
ووزارتي وتأدّبي وتهذّبي |
بمحلّ راع في ذرى ملمومة |
|
زويت عن الدنيا بأقصى مرتب |
لا حكم يأخذه بها إلّا لمن |
|
يعفو ويرؤف دائما بالمذنب |
فلقد سئمت من الحياة مع امرئ |
|
متغضّب متغلّب مترتّب |
الموت يلحظني إذا لا حظته |
|
ويقوم في فكري أوان تجنّبي |
لا أهتدي مع طول ما حاولته |
|
لرضاه في الدنيا ولا للمهرب |
__________________
(١) في الحلل الموشية : «أطيل».
(٢) رواية عجز البيت في الحلل هي :
ويمددها ذلك المخبر الخبر
(٣) الرّضف : الحجارة الممحاة يوغر بها اللّبن. والمراد أن كلّا منهما شديد الحقد على الآخر.
محيط المحيط (رضف).
(٤) الأدمة : اللون المشرب سوادا. محيط المحيط (أدم).