حاله : شعلة من شعل الذكاء والإدراك ، ومجموع خلال حميدة على الحداثة ، طالب نبيل ، مدرك ، نجيب ، بذّ أقرانه كفاية ، وسما إلى المراتب ، فقرأ ، وأعرب ، وتمر (١) ، وتدرّب ، واستجاز له والده شيوخ بلده فمن دونهم ، ونظم الشعر ، وقيّد كثيرا ، وسبق أهل زمانه في حسن الخط سبقا أفرده بالغاية القصوى ؛ فيراعه اليوم المشار إليه بالظّرف والإتقان ، والحوا ، والإسراح ؛ اقتضى ذلك كله ارتقاؤه إلى الكتابة السلطانية. ومزية الشّفوف بها ، بالخلع والاستعمال ؛ واختصّ بي ، وتأدب بما انفرد به من أشياخ تواليفي ، فآثرته بفوائد جمّة ، وبطن حوضه من تحلّمه ، وترشّح إلى الاستيلاء على الغاية.
شعره : أنشد له بين يدي السلطان في الميلاد الكريم : [الكامل]
حيّ المعاهد بالكثيب وجادها |
|
غيث يروي حيّها وجمادها |
مولده : في ربيع الآخر من عام سبعة وأربعين وسبعمائة.
أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن صفوان
من أهل مالقة ؛ يكنى أبا جعفر ، ويعرف بابن صفوان (٢).
حاله : بقيّة الأعلام ، أديب من أدباء هذا القطر ، وصدر من صدور كتّابه ، ومشيخة طلبته ، ناظم ، ناثر ، عارف ، ثاقب الذهن ، قويّ الإدراك ، أصيل النظر ، إمام الفرائض والحساب والأدب والتّوثيق ، ذاكر للتاريخ واللغة ، مشارك في الفلسفة والتصوّف ، كلف بالعلوم الإلهية ، آية الله في فكّ المعمّى ، لا يجاريه في ذلك أحد ممّن تقدّمه ، شأنه عجب ، يفكّ من المعمّيات والمستنبطات ، مفصولا وغير مفصول ؛ شديد التعصّب لذي ودّ ، وبالعكس ، تامّ الرّجولة ، قليل التّهيّب ، مقتحم حمى أهل الجاه والحمد والمضايقة ، إذا دعاه لذلك داع حبل نقده على غاربه ، راض بالخمول ، متبلّغ بما تيسّر ، كثير الدؤوب والنظر ، والتقييد والتصنيف ، على كلال الجوارح ، وعائق الكبرة (٣) ، متقارب نمطي الشعر والكتابة ، مجيد فيهما ، ولنظمه شفوف على نثره.
مشيخته : قرأ على الأستاذ أبي محمد الباهلي ، أستاذ الجملة من أهل بلده ، ومولى النّعمة عليهم ، لازمه وانتفع به ؛ ورحل إلى العدوة ، فلقي جملة ، كالقاضي
__________________
(١) تمر : أطعم التّمر ، والمراد أنه أثمر.
(٢) ترجمة ابن صفوان في الكتيبة الكامنة (ص ٢١٦) ، ونفح الطيب (ج ٨ ص ١٧٦).
(٣) الكبرة : الكبر في السّنّ. محيط المحيط (كبر).