المؤرّخ أبي عبد الله بن عبد الملك ، والأستاذ التعالمي أبي العباس بن البنّاء (١) ، وقرأ عليهم بمرّاكش.
نباهته : استدعاه السلطان ، ثاني الملوك من بني نصر (٢) ، إلى الكتابة عنه مع الجلّة ، ببابه ، وقد نما عشّه ، وعلا كعبه ، واشتهر ذكاؤه وإدراكه. ثم جنح إلى العودة لبلده. ولمّا ولّي الملك السلطان أبو الوليد ، ودعاه إلى نفسه ، ببلده مالقة ، استكتبه رئيسا مستحقّا ، إذ لم يكن ببلده. فأقام به واقتصر على كتب الشروط ، معروف القدر ، بمكان من القضاة ورعيهم ، صدرا في مجالس الشّورى ؛ وإلى الآن يجعل إلى زيارة غرناطة ، حظّا من فصول بعض السنين ، فينصب بها العدالة ، ثم يعود إلى بلده في الفصل الذي لا يصلح لذلك. وهو الآن بقيد الحياة ، قد علقته أشراك الهرم ، وفيه بعد مستمتع ، بديع ، كبير.
تصانيفه : من تواليفه ، «مطلع الأنوار الإلهية» ؛ و «بغية المستفيد» ؛ و «شرح كتاب القرشي في الفرائض» ، لا نظير له. وأما تقاييده على أقوال يعترضها ، وموضوعات ينتقدها ، فكثيرة.
شعره : قال في غرض التّصوّف : وبلغني أنه نظمها بإشارة من الخطيب ، وليّ الله ، أبي عبد الله الطّنجالي ، كلف بها القوّالون والمسمّعون بين يديه (٣) : [الكامل]
بان الحميم فما الحمى والبان |
|
بشفاء من عنه الأحبّة بانوا |
لم ينقضوا عهدا بينهم ولا |
|
أنساهم ميثاقك الحدثان |
لكن جنحت لغيرهم فأزالهم |
|
عن أنسهم بك موحش غيران |
لو صحّ حبّك ما فقدتهم ولا |
|
سارت بهم عن حبّك الأظعان |
تشتاقهم ، وحشاك هالة بدرهم |
|
والسّرّ منك لخلّهم (٤) ميدان |
ما هكذا أحوال أرباب الهوى |
|
نسخ الغرام بقلبك السّلوان |
لا يشتكي ألم البعاد متيّم |
|
أحبابه في قلبه سكّان |
ما عندهم إلّا الكمال وإنما |
|
غطّى على مرآتك (٥) النّقصان |
__________________
(١) هو أحمد بن محمد بن عثمان الأزدي المراكشي ، المشهور بابن البناء ، المتوفىّ سنة ٧٢١ ه.
أزهار الرياض (ج ٣ ص ٢٣). (ج ٥ ص ٦٨).
(٢) هو محمد بن محمد بن يوسف بن نصر ، حكم غرناطة من سنة ٦٧١ ه إلى سنة ٧٠١ ه ، اللمحة البدرية (ص ٥٠).
(٣) القصيدة في الكتيبة الكامنة (ص ٢٢٠ ـ ٢٢٢).
(٤) في الكتيبة : «لخيلهم».
(٥) في الكتيبة : «مرآتها».