(٣)
** أوردت ـ في الحلقة الثانية : من هذه الدراسة ـ نبذة موجزة عن جميع الملاحم الشعرية ، التي شكلت مصدرا رئيسيا لدراسة الجانبين : التاريخي ، والأدبي ، في حقبة القرن الثاني عشر الهجري ، ووعدت بدراسة تحليلية للملحمة الثالثة التي أنشأها الشاعر جعفر البيتي العلوي السقاف. تحت تأثير أحداث فتنة سنة ١١٥٥ ه ـ ١٧٤٢ م. وتتكون الملحمة من مائة وثلاثة وستين بيتا من بحر البسيط.
وسوف نوطىء للدراسة التحليلية التي سوف تحاول الكشف عن الجوانب الفنية للملحمة ـ بنبذة قصيرة عن الوضع الإداري في المدينة ، في تلك الفترة ، والذي كان سببا وراء نشوب نوع من الحروب الداخلية التي استطاع الشعراء أن يستوعبوا أحداثها استيعابا جيدا ، مكنهم من الانتقال بها من مستوى الحدث التاريخي إلى مستوى العمل الفني ، كما سوف نعرض لأجزاء معينة من الملحمة نفسها.
** يبدو ـ من خلال المقدمة التوضيحية ،. التي كتبها مؤلف «الأخبار الغريبة فيما وقع بطيبة الحبيبة» ، لقصيدة السيد «البيتي» المذكورة ـ وجود سلطتين رئيسيتين تتنازعان إدارة شؤون المدينة (في القرن الثاني عشر الهجري).
إحداهما ؛ السلطة العسكرية بقيادة قائد عسكري يسمى «الأغا». وتتبع هذا «الأغا» قوة عسكرية كان مقرها «القلعة» التي كانت تقوم في المنطقة التي تعرف باسم «باب الشامي».
أما السلطة الأخرى فهي السلطة المدنية ، وكان يتولى شؤونها صاحب الوظيفة المعروفة باسم «مشيخة الحرم».
كما تشير المقدمة التوضيحية ـ نفسها ـ إلى حدوث مفاسد مالية من قبل بعض رجال القوة العسكرية. مما دفع بالسلطة المدنية أن تتدخل في البحث عن المشاكل المترتبة على مثل هذه المفاسد ، مطالبة بإبعاد الشخصيات المتوسطة.