رائد الكلمة ومبدع القصيد
السيد عبيد عبد الله مدني
(١)
إن صدور ديوان المدنيات لشاعر المدينة المنورة السيد عبيد مدني ـ رحمهالله ـ هو تكريم لذلك الرائد الذي كان إبداع الشعر أحد مواهبه المتعددة ولعل الناظر في هذا الديوان يستطيع أن يجزم بأن صاحبه لم يكن ناظما ولكنه الشاعر الذي غنى لسكون الليل وبكى لفقد الحبيب وتشوق لمرابع الصبا التي يزيدها بهاء ذلك التاريخ الحافل الذي شهدته في العصور الإسلامية الغابرة.
** فالشاعر الذي يطيل الوقوف أمام قصر «سعيد بن العاص» بوادي العقيق ويرى في أطلاله روعة وجلالا وفي حصباء الوادي الذي يحتضنه نضارة وجمالا إنما ينفذ من ذلك الجلال الذي استجمعه قلبه وتلك النضارة التي تضوعت بها روحه إلى أعماق التاريخ تمثل أولئك الرواد. الذين صنعوا أحداثه ويريد أن يستنطقهم فلا يحظى بما يريد ، ولكأن نفسه الشاعرة تبحث في ذلك الاستنطاق عن السر الأبدي لهذه الحياة الذي تفردت بمعرفته القدرة الإلهية العظيمة.
** ولئن استطاع الشاعر أن يقف عند تلك المآثر الإسلامية فيصور لنا مدى إحساس نفسه بها وشغفه بتاريخها المجيد الذي هو تاريخ لكل فرد من أفراد أمة الإسلام والعروبة ، فإن شاعرنا استجاب لتلك الأحداث التي عاصرها منذ حلول الحرب العالمية الأولى حتى تاريخ وفاته في نهاية عام ١٣٩٦ ه وهذا دليل على أن السيد عبيد ـ رحمهالله ـ لم يكن يعيش في صومعة فكرية كما يظن البعض وهذه قصائده التي دعيت بالوطنيات في الجزء الأول من الديوان ترينا تلك النفس الكبيرة التي كان يحملها الشاعر بين جنبيه فهي التي تفرحها تلك المواقف الإيجابية التي تتوق لأدائها كما يؤلمها تلك الصور السلبية التي تقع الأمة ضحيتها بسبب بعض الاجتهادات الفردية الخاطئة ومع هذا فإن الشاعر ينحو في معالجته لهذه المواقف منحى