جنح عن المنحى الأفقي في الدراسة لتغطي مرحلة متعاصرة وركز على التوجه العمودي في انتقاء التوجه العمودي للشخصيات والقضايا المتواشجة والمترابطة لتمتد حتى المرحلة المعاصرة كمسار متتابع يفضي بعضه إلى بعض وهو توجه يتوق بعض من الدارسين إلى تسويده واحتذائه.
أما المؤلف فهو خير من يتصدى لهذه المهمة على عسرها وصعوبتها فهو ابن المدينة مولدا ونشأة وابن بجدتها في الأدب تخصصا وتمرسا وعلى الرغم من أنه أخذ بالمفهوم السائد في تعريف الأدب من لدن الجاحظ وامتدادا إلى ابن خلدون من أنه (الأخذ من كل علم بطرف) إلا أنه تعمق في كل علم امتدت له رؤاه وتطلعاته حتى بدا فيه خبيرا متمكنا يتضح في ذكاء التناول العصري والأسلوب المتدفق في معالجة الشخصيات معالجة علمية موضوعية تقوم على العبارة الموجزة والفكرة المكثفة مهتبلا فرصة الود والعلاقات الحميمة في الاستفادة من المصادر الشفهية قبيل تواريها عن عالم الشهود موثقا النصوص بأقوال أصحابها أو من عاصروهم وهو أمر لا يتأتى إلا لمن حباه الله خلق المؤلف في بناء جسور الود ودأبه في الانكباب على العلم احتسابا وقربى وهو بذلك يرود سبيلا بكرا يتيح للآخرين فرصة سلوكه وانتهاجه ويغرينا بمطالبته بالمزيد للكشف عن هذه الكنوز التي كنا نتوق إلى الاطلاع عليها ومعرفتها.
وآصرة العلاقة التلازمية بين مكة والمدينة تفسر وشيجة الإخاء والود التي ربطتني بأخي وصديقي وزميلي الدكتور عاصم وأقسرتني على الاستجابة لتفضله بطلب تدوين هذه المقدمة سائلا الله له التوفيق والعون في مستقبل أعماله وحياته وأن يجعلها في ميزان أعماله خالصة لوجهه الكريم.
وصلى الله وسلم وبارك على خير من احتضنته تربة طيبة الطيبة سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وسائر الأنبياء والمرسلين.
|
د. جميل محمود مغربي أستاذ مادة النقد بكلية الآداب بجامعة الملك عبد العزيز بجدة |