كمكة (١) من أحكامها (٢) فقد أطال الكلام على ذلك السيد السمهودي في تاريخه الوفاء.
وأنشد عليه بعضهم :
إن المدينة لا يشك كمكة |
|
حرم ولكن بالنبي تفضل |
فهي الأمان لخائف ولعاكف |
|
فيها معاش ليس فيه معضل |
__________________
(١) قال الشيخ النووي : فرع : في بيان الأحاديث الواردة في بيان حرم المدينة : منها : عن الخليفة علي ـ عليهالسلام ـ مرفوعا : «المدينة حرام ما بين عير إلى ثور» أخرجه البخاري ومسلم وفي رواية للبخاري «ما بين عائر إلى ...» كذا. قال أبو عبيد وغيره من العلماء : عير ويقال له عائر جبل معروف بالمدينة قالوا : وأما ثور فلا يعرف أهل المدينة بها جبلا يقال له ثور ، وإنما ثور جبل بمكة قالوا : فنرى أن أصل الحديث ما بين عير إلى أحد ولكنه غيره غلط الرواة فيه واستمرت الرواية. وقال أبو بكر الحازمي في كتابه المؤتلف في الأماكن : الرواية الصحيحة ما بين عير إلى أحد. قال : وقيل : إلى ثور. قال : وليس له معنى. هذا كلامهم في هذا الحديث ، ولا يبعد أن الجبل كان يسمى ثورّا ثم هجر ذلك الاسم. وعن أبي هريرة ـ رضياللهعنه ـ مرفوعّا : «ما بين لابتيها حرام» متفق عليه واللابتان الحرتان تثنية لابة هي الأرض الملبسة حجارة سوداء والمدينة بين لابتين في شرقها وغربها ـ وعن أبي سعيد الخدري أنه سمع رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ يقول : إني حرمت ما بين لابتي المدينة كما حرم إبراهيم مكة» أخرجه مسلم. ثم قال : وعن عدي بن زيد الخزاعي الصحابي قال : «حمى رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ كل ناحية من المدينة بريدّا بريدّا لا تخبط شجرة ولا تعضد إلا ما يساق به الجمل». أخرجه أبو داود بإسناد غير قوي. قال الشيخ النووي : «فالحاصل أن حرم المدينة ما بين جبليها طولا وما بين لابتيها عرضا». انظر / شرح المهذب (٧ / ٤٧٧ ـ ٤٧٩).
(٢) قال الشيخ ابن الجوزي : صيد المدينة وشجرها محرم وهو قول مالك والشافعي وأحمد. وقال الإمام الأعظم أبو حنيفة : ليس بمحرم. واختلفت الرواية عن أحمد هل يضمن صيدها وشجرها بالجزاء أم لا؟ فروى عنه أنه لا جزاء فيه وبه قال مالك. وللإمام الشافعي قولان كالروايتين. وإذا قلنا بضمانه فجزاؤه سلب القاتل يتملكه الذي سلبه. ويفارق مكة في أن من أدخل إليها صيدا لم يجب رفع يده عنه ، ويجوز له ذبحه وأكله ، ويجوز أن يؤخذ من شجرها ما تدعو الحاجة إليه للرحل والوسائد ، ومن حشيشها ما يحتاج إليه للعلف بخلاف حرم مكة.
انظر / مثير الغرام الساكن إلى أشرف الأماكن لابن الجوزي ـ قيد الطبع بتحقيقنا. محمد فارس ـ شرح المهذب (٧ / ٤٨٠ ـ ٤٨١). المغني (٣ / ٣٥٤) ـ فتح الباري (٤ / ١٠٠). صحيح : أخرجه البخاري في الأدب (١٠ / ٥٤٣) ـ الحديث (٦١٢٩). ومسلم في الأدب (٣ / ١٦٩٢ ـ ١٦٩٣) ـ الحديث (٣٠ / ٢١٥٠). والترمذي في البر والصلة (٤ / ٣٥٧) ـ الحديث (١٩٨٩).
وأبو داود في الأدب (٤ / ٢٩٤) ـ الحديث (٤٩٦٩). وابن ماجه في الأدب (٢ / ١٢٢٦) ـ الحديث (٣٧٢٠).