وفي الصحيح اللهم إن إبراهيم حرم مكة وإني حرمت ما بين لابتيها» (١)(٢).
وعلى القول بأنها حرم فهي بريد من بريد وذلك ما بين عير إلى ثوربيان يحدها من الجنوب إلى الشمال وهما مأزماها وما بين لابتيها أي حدتيها الشرقية والغربية.
ونظم ذلك من قال :
حرم المدينة حده فيما حكوا |
|
عيرّا وثورّا قبلة وشمالا |
واللابتان تحدها يا ذا النهى |
|
شرقّا وغربّا فاعتمده مقالا |
مسئلة : صح أنه عليه الصلاة والسلام التفت إلى المدينة الشريفة وقال : «إن الله برأ هذه الجزيرة من الشرك» (٣).
__________________
(١) وقع في حديث جابر عن الإمام أحمد «وأنا أحرم المدينة ما بين حرتيها» قال الحافظ ابن حجر : فادعى بعض الحنفية أن الحديث مضطرب لأنه وقع في رواية «ما بين جبليها» ، وفي رواية «ما بين لابتيها» وفي رواية «مأزميها». وتعقب بأن الجمع بينهما واضح ، وبمثل هذا لا ترد الأحاديث الصحيحة ، فإن الجمع لو تعذر أمكن الترجيح. قال : ولا شك أن رواية «ما بين لابتيها» أرجح لتوارد الرواة عليها ، ورواية جبليها لا تنافيها فيكون عند كل لابة جبل أو لابتيها من جهة الجنوب والشمال وجبليها من جهة الشرق والغرب وتسمية الجبلين في رواية أخرى لا تضر. وأما رواية مأزميها فهي في بعض طرق حديث أبي سعيد ، والمأزم بكسر الزاي المضيق بين الجبلين ، وقد يطلق على الجبل نفسه. قال : واحتج الطحاوي بحديث أنس في قصة أبي عمير ما فعل النغير قال : لو كان صيدها حرامّا ما جاز حبس الطير. وأجيب : باحتمال أن يكون من صيد الحل. قال الإمام أحمد : من صاد من الحل ثم أدخله المدينة لم يلزمه إرساله لحديث أبي عمير وهذا قول الجمهور. قال الحافظ : لكن لا يرد ذلك على الحنفية لأن صيد الحل عندهم إذا دخل الحرم كان له حكم الحرم ، ويحتمل أن تكون قصة أبي عمير كانت قبل التحريم. ثم قال الحافظ : وقال الطحاوي : يحتمل أن يكون سبب النهي عن صيد المدينة وقطع شجرها كون الهجرة كانت إليها فكان بقاء الصيد والشجر مما يزيد في زينتها ويدعو إلى ألفتها كما روى ابن عمر «أن النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ نهى عن هدم آطام المدينة» فإنها من زينة المدينة فلما انقطعت الهجرة زال ذلك. قال الحافظ : وما قاله ليس بواضح لأن النسغ لا يثبت إلا بدليل ، وقد ثبت على الفتوى بتحريمها سعد وزيد بن ثابت وأبو سعيد وغيرهم كما أخرجه مسلم. انظر / فتح الباري (٤ / ٩٩ ـ ١٠٠).
(٢) متفق عليه : أخرجه البخاري في الأنبياء (٦ / ٤٦٩) ـ الحديث (٣٣٦٧). ومسلم في الحج (٢ / ٩٩١) ـ الحديث (٤٥٦ / ١٣٦١). والترمذي في المناقب (٥ / ٧٢١) ـ الحديث (٣٩٢٢).
والإمام مالك في الموطأ في الجامع (٨٨٩١٢) ـ (١٠). والإمام أحمد في مسنده (٤ / ١٧٤) ـ الحديث (٧٢٧٧!).
(٣) رواه العباس بن المطلب مرفوعا أخرجه : أبو يعلى والبزار والطبراني في الأوسط كما في المجمع وقال : فيه قيس بن الربيع وثقه شعبة والثوري وضعفه الناس ، وبقية رجال أبي يعلى ثقات قال : وله طريق في الأدب. انظر / مجمع الزوائد للهيثمي (٣ / ٣٠٢) ـ تهذيب التهذيب (٨ / ٣٣٩).