تصانيفه : وتصانيفه بارعة ، منها ، «رفع الحجب المستورة في (١) محاسن المقصورة (٢)» ، شرح فيها مقصورة الأديب أبي الحسن حازم بما تنقطع الأطماع فيه. ومنها «رياضة الأبيّ (٣) في قصيدة الخزرجي» ، أبدع في ذلك بما يدل على الاطلاع وسداد الفهم ، وقيّد على «كتاب التّسهيل» لأبي عبد الله بن مالك تقييدا جليلا ، وشرحا بديعا ، قارب التمام. وشرع في تقييد على الخبر المسمّى ب «درر السّمط في خبر السّبط». ومحاسنه جمّة ، وأغراضه بديعة.
شعره : وأمّا الشعر ، فله فيه القدح المعلّى ، والحظّ الأوفى ، والدّرجة العليا ، طبقة وقته ، ودرجة عصره ، وحجة زمانه ، كلامه متكافئ في اللفظ والمعنى ، صريح الدّلالة ، كريم الخيم ، متحصّد الحبل ، خالص السّبك ، وأنا أثبت منه جزما خصّني به ، سمّاه جهد المقل ، اشتمل من حرّ الكلام ، على ما لا كفاء له.
الحمد لله تردّده أخرى الليالي ، فهو المسؤول أن يعصمنا من الزّلل ، زلل القول ، وزلل الأعمال. والصلاة على سيدنا محمد خاتم الإرسال. هذه أوراق ضمنتها جملة من بنات فكري ، وقطعا مما يحيش به في بعض الأحيان صدري ، ولو حزمت لأضربت عن كتبها كل الإضراب ، ولزمت في دفنها وإخفائها دين الأعراب ، لكني آثرت على المحو الإثبات ، وتمثلت بقولهم إن خير ما أوتيته العرب الأبيات. وإذا هي عرضت على ذلك المجد ، وسألها كيف نجت من الوأد ، فقد أوتيتها من حرمكم إلى ظلّ ظليل ، وأحللتها من بنائكم معرّسا ومقيل ، وأهديتها علما بأن كرمكم بالإغضاء عن عيوبها جدّ كفيل ، فاغتنم قلة التهدئة مني ، إن جهد المقلّ غير قليل ، فحسبها شرفا أن تبوّأت في جنابك كنفا ، وكفاها مجدا وفخرا أن عقدت بينها وبين فكرك عقدا وجوارا ومما قلت في حرف الهمزة.
مولده : بسبتة في السادس لشهر ربيع الأول (٤) من عام سبعة وتسعين وستمائة.
وفاته : توفي قاضيا بغرناطة في أوائل شعبان (٥) من عام ستين وسبعمائة.
__________________
(١) في تاريخ قضاة الأندلس (ص ٢١٧): «عن».
(٢) هي مقصورة أديب المغرب أبي الحسن حازم بن محمد القرطاجنّي الأندلسي ، التي مدح بها أمير المؤمنين المستنصر بالله أبا عبد الله محمدا الحفصي. راجع نفح الطيب (ج ٧ ص ١٨٢).
(٣) في تاريخ قضاة الأندلس : «الآن في شرح قصيدة ...».
(٤) هكذا في تاريخ قضاة الأندلس (ص ٢١٧). وفي بغية الوعاة : «ربيع الآخر».
(٥) في تاريخ قضاة الأندلس (ص ٢١٧): «ووفاته بغرناطة ضحى يوم الخميس الحادي والعشرين لشهر شعبان من عام ٧٦٠». وفي نفح الطيب (ج ٧ ص ١٩٠): «وكانت وفاة الشريف المذكور سنة إحدى وستين وسبعمائة».