ومعتد ، وليتني إذا جادت سحابة ذلك الخاطر الماطر الودق ، وانجاب العاني عن مزنة فكرتي ، بتقاضي الجواب ، انجياب الطّوق ، وأيقنت أني قد سدّ عليّ باب القول وأرتحج ، وقلت : هذه السّالفة الكلية فسدت لها الدّاعة من تكلّم الإمرة ولم أنه إذ أعوزت المرّة بالحلوة ، لكني قلت : وجدّ المكثر كجهد المقلّ ، والواجب قد يقلّ الامتثال فيه بالأقلّ. فبعثت بها على علّاتها ، وأبلغتها عذرها ، في أن كتبت عن شوقها بلغاتها ، وهي لا تعدم من سيدي في إغضاء كريم ، وإرضاء سليم. والله ، عزّ وجلّ ، يصل بالتأنيس الحبل ، ويجمع الشّمل.
والسلام الكريم يخصّ تلك السيادة ، ورحمة الله وبركاته. من محمد بن أحمد الفشتالي.
وهو الآن قاض بفاس المذكورة ، محمود السيرة ، أبقاه ، وأمتع به.
محمد بن محمد بن أحمد بن أبي بكر بن يحيى
ابن عبد الرحمن بن أبي بكر بن علي بن داود القرشي المقري (١)
يكنى أبا عبد الله ، قاضي الجماعة بفاس وتلمسان.
أوّليّته : نقلت من خطّه ، قال (٢) : وكان الذي اتخذها من سلفنا قرارا بعد أن كانت لمن قبله مرارا (٣) ، عبد الرحمن بن أبي بكر بن علي المقري ، صاحب أبي مدين (٤) ، الذي دعا له ولذرّيته ، بما ظهر فيهم من قبول (٥) وتبيّن. وهو أبي الخامس ؛ فأنا محمد بن محمد بن أحمد بن أبي بكر بن يحيى بن عبد الرحمن ، وكان هذا الشيخ عروي (٦) الصلاة ، حتى أنه ربما امتحن بغير شيء فلم يؤنس منه التفات ، ولا استشعر منه شعور ، ويقال : إن هذا الحضور ، ممّا أدركه من مقامات شيخه أبي مدين. ثم (٧) اشتهرت ذريّته على ما ذكر من طبقاتهم بالتجارة ، فمهّدوا طريق الصحراء
__________________
(١) محمد بن محمد المقري ، جدّ المقري صاحب كتاب نفح الطيب ، وترجمته في تاريخ قضاة الأندلس (ص ٢٠٩) والتعريف بابن خلدون (ص ٥٩) ونيل الابتهاج (ص ٢٤٩) ونفح الطيب (ج ٧ ص ١٩٥) وأزهار الرياض (ج ١ ص ٥) و (ج ٤ ص ٢٠٤).
(٢) النص في نفح الطيب (ج ٧ ص ١٩٥).
(٣) في النفح : «مزارا».
(٤) أبو مدين : هو شعيب بن الحسين الأندلسي التلمساني ، المتوفى سنة ٥٩٤ ه ، وقد تقدم ذكره في الجزء الأول من الإحاطة في ترجمة جعفر بن عبد الله بن محمد بن سيد بونة الخزاعي.
(٥) في النفح : «قبوله».
(٦) أغلب الظن أنه ينسبه إلى عروة بن الزبير ، الذي كان يطيل الصلاة ويكثر من الدعاء.
(٧) النص في نفح الطيب (ج ٧ ص ١٩٦ ـ ١٩٨).