ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا |
|
سوى أن جمعنا فيه قيل وقال (١) |
وكم من رجال قد رأينا ودولة (٢) |
|
فبادوا جميعا مسرعين وزالوا |
وكم من جبال قد علت شرفاتها |
|
رجال فماتوا والجبال جبال (٣) |
وقال (٤) : وقد مرّ من ذكر الشريف القاضي أبي علي حسين بن يوسف بن يحيى الحسني في عداد شيوخه وقال : حدّثني أبو العباس الرّندي عن القاضي أبي العباس بن الغمّاز (٥) ، قال : لمّا قدم القاضي أبو العباس بن الغماز من بلنسية ، نزل بجاية ؛ فجلس بها في الشهود مع عبد الحق بن ربيع (٦) ، فجاء عبد الحق يوما ، وعليه برنس أبيض ، وقد حسنت شارته ، وكملت هيئته ، فلمّا نظر إليه ابن الغماز أنشده : [الخفيف]
لبس البرنس الفقيه فباهى |
|
ورأى أنه المليح فتاها (٧) |
لو زليخا رأته حين تبدّى |
|
لتمنّته أن يكون فتاها |
وقال أيضا : إن ابن الغمّاز جلس لارتقاب الهلال بجامع الزّيتونة ، فنزل الشهود من المئذنة وأخبروا أنهم لم يهلّوه (٨). وجاء حفيد له صغير ، فأخبره أنه أهلّه ، فردّهم معه ، فأراهم إياه ، فقال : ما أشبه الليلة بالبارحة. وقد (٩) وقع لنا مثل هذا مع أبي الربيع بن سالم (١٠) ، فأنشدنا فيه : [الطويل]
توارى هلال الأفق عن أعين الورى |
|
وأرخى حجاب الغيم دون محيّاه |
فلمّا تصدّى لارتقاب شقيقه |
|
تبدّى له دون الأنام فحيّاه |
__________________
(١) في الوافي بالوفيات : «... طول دهرنا سوى ... فيه قلت وقالوا».
(٢) في وفيات الأعيان وعيون الأنباء : «وكم قد رأينا من رجال ودولة».
(٣) في المصدرين السابقين : «فزالوا» بدل «فماتوا». ورواية عجز البيت في الوافي بالوفيات هي :
ومال فزالت والجبال جبال
(٤) النص في نفح الطيب (ج ٧ ص ٢٢٢).
(٥) هو أحمد بن محمد بن الحسن بن الغماز الأنصاري ؛ ولي قضاء بجاية ، وتوفي بتونس سنة ٦٩٣ ه. عنوان الدراية (ص ٧٠).
(٦) لعبد الحق بن ربيع ترجمة ضافية في عنوان الدراية (ص ٣٢).
(٧) تاها : فعل ماض من التيه ، والألف للإطلاق ، وأصل القول : تاه.
(٨) لم يهلّوه : لم يروه. لسان العرب (هلل).
(٩) كلمة «وقد» غير واردة في النفح.
(١٠) هو سليمان بن موسى بن سالم الحميري الكلاعي ، المتوفى سنة ٦٣٤ ه. وسيترجم له ابن الخطيب في الجزء الرابع من الإحاطة.