سنّه ، فقال : أقبل على شأنك ، فإني سألت مالك بن أنس عن سنّه ، فقال : أقبل على شأنك ، ليس من المروءة إخبار الرجل عن سنّه (١).
وفاته : توفي بمدينة فاس في أخريات محرم من عام تسعة وخمسين وسبعمائة ، وأراه توفي في ذي حجة من العام قبله. ونقل إلى تربة سلفه بمدينة تلمسان حرسها الله.
محمد بن عياض بن محمد بن عياض بن موسى اليحصبي
من أهل سبتة ، حفيد القاضي الإمام أبي الفضل عياض ، يكنى أبا عبد الله.
حاله : قال الأستاذ أبو جعفر بن الزبير : كان من عدول القضاة ، وجلّة سراتهم ، وأهل النزاهة فيهم ، شديد التحري في الأحكام والاحتياط ، صابرا على الضعيف فيهم والملهوف ، شديد الوطأة على أهل الجاه وذوي السّطوة ، فاضلا ، وقورا ، حسن السّمت ، يعرّفه كلامه أبدا ، ويزينه ذلك لكثرة وقاره ، محبّا في العلم وأهله ، مقرّبا لأصاغر الطلبة ، ومكرّما لهم ، ومعتنيا بهم ، معملا جهده في الدّفع عنهم ، لما عسى أن يسوءهم ؛ ليحبّب إليهم العلم وأهله ، ما رأينا بعده في هذا مثله. سكن مالقة مع أبيه عند انتقال أبيه إليها ، إلى أن مات أبوه سنة خمس وخمسين وستمائة.
حدّثني شيخنا أبو الحسن بن الجيّاب ، وجرى ذكر إعرابه لفظ من حديثه عن شيوخه ، قال : دخلت على القاضي المذكور ، فسأل أحدنا عن أبيه ، فقال : ابن فلان. وذكر معرفة مشتركة بين تجّار فاس ، فقال : أيهما الذي ينحت في الخشب ، والذي يعمل في السلاح؟ فما فطن لقصده لسذاجته. وحدّثني عن ذكر جزالته أنها كانت تقع له مع السلطان مستقضيه ، مع كونه مرهوبا ، شديد السّطوة ، وقائع تنبىء عن تصميمه ، وبعده عن الهوادة ؛ منها أن السلطان أمر بإطلاق محبوس كان قد سجنه ، فأنفذ بين يدي السلطان الأمر للسّجّان بحبسه ، وتوعّده إن أطلقه. ومنها إذاعة ثبوت العيد في أخريات يوم كان قد أمل السلطان البروز إلى العيد في صباحه ، فنزل عن القلعة ينادي: عبد الله ، يا ميمون ، أخبر الناس عن عيدهم اليوم ، وأمثال ذلك.
مشيخته : قرأ بسبتة ، وأسند بها ، فأخذ عن أبي الصبر أيوب بن عبد الله الفهري وغيره ، ورحل إلى الجزيرة الخضراء ، فأخذ بها كتاب سيبويه وغيره تفقيها على النحويّ الجليل أبي القاسم عبد الرحمن بن القاسم القاضي المتفنن. وأخذ بها أيضا كتاب «إيضاح الفارسي» عن الأستاذ أبي الحجاج بن مغرور ، وأخذ بإشبيلية وغيرها
__________________
(١) في النفح : «المروءة للرجل أن يخبر بسنّه».