المجاز ، جموح عنان الدّعابة ، غزلا ، مؤثرا للفكاهة. انتقل إلى المغرب لشفوف خصله ، على ما قد قسّم الحظوظ. سبحانه من رزقه بهذه البلاد ، فاستقرّ بباب ملكه ، مرعيّ الجناح ، أثير الرتبة ، مطلق الجراية ، مقرّر السّهام ، معتبا وطنه ، راضيا عن جيرته ، ديدن من يستند إلى قديم ، ويتحيّز إلى أصالة.
تواليفه : أخبرني عند لقائه إياي بمدينة فاس في غرض الرسالة ؛ عام خمسة (١) وخمسين وسبعمائة ، أنه شرع في تأليف تاريخ غرناطة ، ذاهبا هذا المذهب الذي انتدبت إليه ، ووقفت على أجزاء منه تشهد باضطلاعه ، وقيّد بخطّه من الأجزاء الحديثة والفوائد والأشعار ما يفوت الوصف ، ويفوق الحدّ. وجرى ذكره في «التاج» بما نصه (٢) :
«شمس في سماء (٣) البلاغة بازغة ، وحجّة على بقاء الفطرة الغريزية (٤) في هذه البلاد المغربية بالغة ، وفريدة وقت أصاب من فيها نادرة أو نابغة ، من جذع (٥) بن علي القادح ، وجرى (٦) من المعرفة كل بارح ، لو تعلّقت الغوامض بالثريّا لنالها ، وقال أنا لها. وربما غلبت الغفلة على ظاهره ، وتنطبق (٧) أكمامها على أزاهره ، حتى إذا قدح في الأدب زنده ، تقدّم المواكب بنده ، إلى خطّ بارع ، يعنو طوال الطويل منه إلى سرّ وبراعة ، كما ترضى المسك والكافور عن طرس وحبر.
شعره : فمن غرامياته وما في معناها قوله (٨) : [الطويل]
متى يتلاقى شائق ومشوق |
|
ويصبح عاني (٩) الحبّ وهو طليق |
أما أنها أمنيّة عزّ نيلها |
|
ومرمى لعمري في الرّجاء (١٠) سحيق |
ولكنني (١١) خدعت (١٢) قلبي تعلّة |
|
أخاف انصداع القلب فهو رقيق |
وقد يرزق الإنسان من بعد يأسه |
|
وروض الرّبى بعد الذبول يروق |
__________________
(١) في الأصل : «خمس» وهو خطأ نحوي.
(٢) قارن بالكتيبة الكامنة (ص ٢٢٣ ـ ٢٢٤).
(٣) كلمة «سماء» ساقطة في الأصل ، وقد أضفناها من الكتيبة الكامنة.
(٤) في الكتيبة : «العربية هي بالمغربية بالغة».
(٥) في الكتيبة : «من جذع أبرّ على القارح».
(٦) في الكتيبة : «وزجر ... كل سانح ، لا بارح».
(٧) في الأصل : «وتنطفق» ولا معنى له. وفي الكتيبة الكامنة : «وانطبق كمامه».
(٨) القصيدة في الكتيبة الكامنة (ص ٢٢٥ ـ ٢٢٦).
(٩) في الأصل : «عير» وقد اخترنا هذه الكلمة من الكتيبة ؛ لأنها أكثر ملاءمة للمعنى.
(١٠) في الأصل : «الرجا» وهكذا ينكسر الوزن.
(١١) في الأصل : «ولكني» وهكذا ينكسر الوزن ، والتصويب من الكتيبة الكامنة.
(١٢) في الكتيبة : «خادعت».