محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن يحيى
ابن الحكيم اللخمي (١)
يكنى أبا بكر.
أوّليّته : مرّت في اسم ذي الوزارتين.
حاله : من كتاب «عائد الصلة» : «كان صدر أبناء أصحاب النّعم ، وبقيّة أعلام البيوت ، ترف نشأة ، وعزّ تربية ، وكرم نفس ، وطيب مجالسة ، وإمتاع محاضرة ، وصحة وفاء ، وشياع مشاركة في جملة فاضلة ، محدّثا تاريخيا ، كاتبا بليغا ، حسن الخطّ ، مليح الدّعابة ، ظريف التوقيع ، متقدم الحيلة في باب التحسين والتنقيح ، يقرض الشعر ، ويفكّ المعمّى ، ويقوم على جمل الكتاب العزيز ، حفظا وتجويدا ، وإتقانا ، ويسرد نتف التاريخ ، وعيون الأخبار ، إلى حسن الخلق ، وكمال الأبّهة ، وحلاوة البساطة ، واحتمال المنابشة ، والمثابرة على حفظ المودة ، والاستقالة من الهفوة ، والتمسّك بالاستعتاب والمعذرة. كتب بالدار السلطانية أكثر عمره ، وتصدّر بعد في قيادة المواضع النّبيهة ، محاربا ذا قدرة في ذلك ، ومع ذلك فشائع المعروف ، ذائع المشاركة. قيّد الكثير ، ودوّن وصنّف ، وحمل عن الجلّة ممن يشقّ إحصاؤهم ، وكان غرّة من غرر هذا القطر ، وموكبا من مواكب هذا الأفق ، لم يتخلف بعده مثله.
وجرى ذكره في «التاج المحلّى» بما نصّه (٢) : «ماجد أقام رسم (٣) المجد بعد عفائه ، فوفّى الفضل حقّ وفائه. بيته في رندة أشهر في الأصالة من بيت امرئ القيس ، وأرسى في بحبوحة الفخر من قواعد الرّضوى وأبي قيس. استولى على الجود البديع البعيد المدى ، وحجّت إليه من كل فج طلّاب النّدى ، وعشت إلى ضوء ناره فوجدت على النار التّقى والهدى. ولّي الوزارة النّصرية التي اعتصر منها طريفا بتالد ، فأحيت مآثرها الخالدة مآثر يحيى بن خالد (٤). ولمّا أدار عليها الدهر كأس النّوائب ، وخلص إليها سهمه الصّائب ، بين صحائف الكتب وصفائح الكتائب ، تطلّعت من خلالها الرائقة لباب الوجود ، وبكتها بسيل أجفانها عين الباس والجود ، وطلع على
__________________
(١) ترجمة محمد بن محمد بن الحكيم في الكتيبة الكامنة (ص ١٩٥) ونفح الطيب (ج ٨ ص ٤٢).
(٢) قارن بالكتيبة الكامنة (ص ١٩٥).
(٣) في الكتيبة : «ربع».
(٤) هو يحيى بن خالد البرمكي ، وزير الخليفة هارون الرشيد.