رعى الله مسراها الكريم فجلّ ما |
|
جلته من البشرى وأبدت من البشر |
لعمري لقد أذكرتني دولة الصّبا |
|
وأهديت لي نوع الجلال من السّحر |
ولما أتت تلك الفكاهة غدوة |
|
وجدت نشاطا سائر اليوم في بشري |
ولا سيما إن كان ملحم بردها |
|
عميد أولي الألباب نادرة العصر |
نشرت بها ما قد طويت بساطه |
|
زمانا وبي طيّ الأمور مع النشر |
ونعم خليل الخير أنت محافظا |
|
على سنن الإخلاص في السّرّ والجهر |
ودونكها تلهو بها وتديرها |
|
سحيريّة الأنفاس طيّبة النّشر |
فراجعني بقوله :
وقد منّ سيدي الجواب ، محتويا على العجب العجاب ، فيالك من فكاهة كوثرية المناهل ، عنبرية المسائل ، ولو لم يكن إلّا وصف القرطبي المستوى الطّلعة ، الشّرطي الصّنعة. وأما وصف اللبن وفراخ الحمام ، فقد بسطتم في المزاح القول. وامتنعتم في الكلام الفصل. وذلك شيء يعجز عن مساجلتكم فيه أرباب البلاغة والبيان ، فكيف بمثلي ممن له القول المهلهل النّسيج الواهي البيان. ولا بدّ من عرض ذلك على سيدي القطب الكبير الإمام ، وأستاذنا علم الأعلام ، وكبير أئمة الإسلام ، فيحكم بيننا بحكم الفصل ، وينصف بما لديه من الحق والعدل. وقد كنت أحيد عن مراجعتكم حيدة الجبان ، وأميل عن ذلك ميلة الكودن (١) عن مجاراة السّمر الهجان ، وأعدل عن مساجلة أدبكم الهتّان ، عدول الأعزل عن مبارزة جيّد السّنان. إلى أن وثقت بالصفح ، وعوّلت على ما لديكم من الإغضاء والسّمح ، ووجّهت حاملة السرّ والظروف ، كي تتصل الهدايا ولا ينقطع المعروف. وأستقيل من انبساط يجرّ عذرا ، وأسأله سبحانه وتعالى حمدا يوجب المزيد من إنعامه وشكرا. دام سيدي وآماله مساعدة ، والكلمة على فضله واحد.
ومن شعره في النّسك واللّجإ إلى الله تعالى (٢) :
أيا من له الحكم في خلقه |
|
ويا من (٣) بكربي له أشتكي |
تولّ أموري ولا تسلمني |
|
وإن أنت أسلمتني أهلك |
تعاليت من مفضل (٤) منعم |
|
ونزّهت من طالب مدرك |
__________________
(١) الكودن : الفيل ، والمراد هنا البطيء في مشيه. محيط المحيط (كود).
(٢) الأبيات في الكتيبة الكامنة (ص ١٩٦).
(٣) في الأصل : «ومن» وهكذا ينكسر الوزن ، والتصويب من الكتيبة الكامنة.
(٤) في الكتيبة : «من منعم مفضل».