ومن ذلك ونقلته من خطّه (١) : [الطويل]
تصبّر إذا ما أدركتك ملمّة |
|
فصنع إله العالمين عجيب |
وما يدرك (٢) الإنسان عار بنكبة |
|
ينكّب (٣) فيها صاحب وحبيب |
ففي من مضى للمرء ذي العقل أسوة (٤) |
|
وعيش كرام الناس ليس يطيب |
ويوشك أن تهمي سحائب نعمة |
|
فيخصب ربع للسّرور (٥) جديب |
إلهك يا هذا مجيب (٦) لمن دعا |
|
وكلّ الذي عند القريب قريب |
مولده : عام خمسة وستين وستمائة.
وفاته : من «عائد الصلة» ، قال : وختم الله عمره بخير العمل من الإنابة والتهدّج ، والتزام الورد ، وإن كان مستصحب الخيرية. وحلّ ببلد ولايتهم رندة ، فكانت بها تربته في الثالث والعشرين لربيع الآخر عام خمسين وسبعمائة.
محمد بن محمد بن علي بن العابد الأنصاري
ولد المذكور بعد ، الكاتب بالدار السلطانية.
حاله : من كتاب طرفة العصر وغيره ، قال : كان كاتبا مشهورا ، بليغا ، ذا معرفة ، بارع الخطّ ، أوحد زمانه في ذلك ، وقورا ، معذب اللفظ ، منحطا في هوى نفسه ، محارفا (٧) بحرفة الأدب على جلالة قدره. وكتابته نقيّة ، جانحة إلى الاختصار.
شعره : وثيق ، تقلّ فيه أرواح المعاني كشعر أبيه ، وتوشيحه فائق. تولّى كتابة الإنشاء لثاني الملوك النصريين (٨) ، واستمرّ قيامه بها على حجر شديد من السلطان ومحمل ؛ لملازمته المعاقرة وانهماكه في البطالة ، واستعمال الخمر ، حتى زعموا أنه قاء يوما بين يديه ، فأخّره عنها ، وقدّم الوزير أبا عبد الله بن الحكيم. وفي ذلك
__________________
(١) الأبيات في الكتيبة الكامنة (ص ١٩٥) ونفح الطيب (ج ٨ ص ٤٢).
(٢) في النفح : «وما يلحق».
(٣) في الكتيبة : «فينكب».
(٤) الأسوة : بضم الهمزة وكسرها ؛ هو ما يأتسي به الحزين يتعزّى به. مختار الصحاح (أسا).
(٥) في الأصل : «من ربع السرور» والتصويب من المصدرين.
(٦) في النفح : «قريب».
(٧) المحارفة : الاحتيال ، والمراد هنا الاحتراف. محيط المحيط (حرف).
(٨) هو أبو عبد الله محمد بن محمد بن يوسف بن نصر ، وقد حكم غرناطة من سنة ٦٧١ ه حتى سنة ٧٠١ ه. ترجمته في اللمحة البدرية (ص ٥٠) ، وتقدمت ترجمته في الجزء الأول من الإحاطة.