حاله : كان فتى حسن السّمت ، ظاهر السكون ، بادي التّصوّن والعفّة ، دمث الأخلاق ، قليل الكلام ، كثير الحياء ، مليح الخط ، ظريفه ، بادي النّجابة. أبوه وجدّه من تجار سوق العطر ، نبهاء السوق. نظم الشعر ، فجاء منه بعجب ، استرسالا وسهولة ، واقتدارا ، ونفوذا في المطوّلات ، فأنفت له من الإغفال ، وجذبته إلى الدار السلطانية ، واشتدّت براعته ، فكاد يستولي على الأمر لو لا أن المنية اخترمته شابا ، فثكل منه الشعر ، قريع إجادة ، وبارع ثنيّة شهرة ، لو انفسح له الأمد.
مولده : في ذي الحجة عام أحد وثلاثين وسبعمائة.
وفاته : توفي مبطونا على أيام قريبة من إسراعه بغرناطة ، عن سنّ قريبة من العشرين ، في عام خمسة وخمسين وسبعمائة. وأبوه أمين العطارين.
محمد بن علي بن العابد الأنصاري
يكنى أبا عبد الله ، أصله من مدينة فاس.
حاله : من خطّ القاضي أبي جعفر بن مسعدة ، علم كتّاب دار الإمارة النّصرية الغالبيّة ، الذي بنوره يستصبحون ، وسراجهم الذي بإشراقه وبهجته ونهج محدته يهتدون. رفع لواء الحمد ، وارتدى بالفهم والعلم والحلم. كان ، رحمه الله ، إماما في الكتابة ، والأدب ، واللغة ، والإعراب ، والتاريخ والفرائض والحساب ، والبرهان عليه ، عارفا بالسّجلات والتّوثيق ، أربى على الموثّقين من الفحول المبرّزين في حفظ الشعر ونظمه ، ونسبته إلى قائله حافظا مبرّزا. درس الحديث ، وحفظ الأحكام لعبد الحق الإشبيلي ، ونسخ الدواوين الكبار ، وضبط كتب اللغة ، وقيّد على كتب الحديث ، واختصر التّفسير للزمخشري ، وأزال عنه الاعتزال ، لم يفتر قطّ من قراءة أو درس أو نسخ أو مطالعة ، ليله ونهاره. لم يكن في وقته مثله.
مشيخته : أخذ بفاس عن أبي العباس أحمد بن قاسم بن البقّال الأصولي ، وأبي عبد الله بن البيوت المقرّي ، وعن الزاهد أبي الحسن بن أبي الموالي ، وغيرهم.
شعره : ومنه قوله : [الكامل]
طرقت تتيه على الصّباح الأبلج |
|
حسناء تختال اختيال تبرّج |
في ليلة قد ألبست بظلامها |
|
فضفاض برد بالنجوم مدبّج |
وشعره مدوّن كثير.
وفاته : توفي بحضرة غرناطة عام اثنين وستين وسبعمائة في ذي القعدة منه.