المسمى ب «مساجلة البيان». ولما هلك وولّي ابنه ، قدّمه قاضيا بمدينة ملكه ، وضاعف التّنويه به ، فأجرى الخطّة ، على سبيل من السّداد والنزاهة. ثم لمّا ولّي السلطان أبو سالم عمّه ، أجراه على الرسم المذكور ، وهو الآن بحاله الموصوفة ، مفخر من مفاخر ذلك الباب السلطاني على تعدّد مفاخره ، يحظى بكل اعتبار.
شعره : ثبتّ (١) في كتاب «نفاضة الجراب» من تأليفنا ، عند ذكر المدعى الكبير بباب ملك المغرب ، ليلة ميلاد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذكر من أنشد ليلتئذ من الشّعراء ما نصّه:
وتلاه الفقيه الكاتب الحاج القاضي ، جملة (٢) السّذاجة ، وكرم الخلق ، وطيب النفس ، وخدن العافية ، وابن الصّلاح والعبادة ، ونشأة القرآن ، المتحيّز إلى حزب السلامة ، المنقبض عن الغمار ، العزوف عن فضول القول والعمل ، جامع المحاسن ، من عقل رصين ، وطلب ممتع ، وأدب نقّادة (٣) ، ويد صناع ، أبو القاسم بن أبي زكريا البرجي ، فأنشدت له على الرسم المذكور هذه القصيدة الفريدة (٤) : [البسيط]
أصغى إلى الوجد لمّا جدّ عاتبه |
|
صبّ له شغل عمّن يعاتبه |
لم يعط للصبر من بعد الفراق يدا |
|
فضلّ من ظلّ إرشادا يخاطبه |
لو لا النّوى لم يبت حرّان (٥) مكتئبا |
|
يغالب الوجد كتما وهو غالبه |
يستودع (٦) الليل أسرار الغرام وما |
|
تمليه أشجانه فالدّمع كاتبه |
لله عصر بشرقيّ الحمى سمحت |
|
بالوصل أوقاته لو عاد ذاهبه |
يا جيرة أودعوا إذ ودّعوا حرقا |
|
يصلى بها من صميم القلب ذائبه (٧) |
يا هل ترى تجمع (٨) الأيّام فرقتنا |
|
كعهدنا أو يردّ القلب ساكبه؟ |
ويا أهيل ودادي ، والنّوى قذف |
|
والقرب قد أبهمت دوني مذاهبه |
هل ناقض العهد بعد البعد حافظه |
|
وصادع الشّمل يوم الشّعب شاعبه؟ |
__________________
(١) النص في نفاضة الجراب (ص ٣٨٢) ونفح الطيب (ج ٨ ص ٢٠٤).
(٢) في نفاضة الجراب : «حملة».
(٣) في نفاضة الجراب : «نقاوة». وفي نفح الطيب : «وأدب ونقاوة».
(٤) القصيدة في نفاضة الجراب (ص ٣٨٢ ـ ٣٨٦) والكتيبة الكامنة (ص ٢٥٢ ـ ٢٥٤) ونفح الطيب (ج ٨ ص ٢٠٤ ـ ٢٠٨) ، وجاء في الكتيبة الكامنة أنه قال هذه القصيدة عام ٧٠١ ه.
(٥) في الأصل : «حيران» والتصويب من المصادر الثلاثة.
(٦) في الكتيبة : «يوادع».
(٧) في الكتيبة : «نائبه».
(٨) في الكتيبة : «ترجع الأيام ألفتنا ... ويردّ ... سالبه».